ولما خرجَ ابنُ الزُّبير من المدينة عَمَدَ الوليد بنُ عتبة إلى كلِّ مَنْ كان هواهُ مع ابن الزبير فحبسه، كعبد الله بن مطيع العَدَويّ، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وغيرهما، فكلَّمه فيهم ابنُ عمر -رضي الله عنهما-، فأَبى أن يطلقهم (?)، فمضى شيبان العدويّ، فأطلقهم من الحبس، فلحقُوا بابن الزبير (?).
وفيها عَزَلَ يزيدُ الوليدَ بنَ عُتبة عن المدينة في شهر رمضان، وأمَّر عليها عَمْرَو بنَ سعيد الأشدق (?).
وسببُ عزله أن مروان كتب إليه يُخبره بما جرى بينَه وبينَ الوليد في أمر الحسين وابن الزُّبير، وكثَّر عليه مروانُ رجاء أن يولِّيَه يزيد المدينة، وكان يزيدُ يكرهُ مروانَ وأولادَه، فولَّى عمرَو بن سعيد، فقَدِمَها في رمضان، وكتب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - يدعُوه إلى البيعة، ويقول: أُذكِّرُكَ اللهَ في نفسك، فإنَّك ذو سِن في قريش، وقد مضى لك سَلَفٌ صالح، وقَدَمُ صدقٍ من عبادةٍ واجتهاد، فادْخُلْ فيما دخل فيه الناس، ولا تُرْدِهِم في فتنة، فتُحلَّ ما حرَّم الله تعالى. وكتب في أسفل الكتاب:
لو بغيرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ ... كنتُ كالغَصَّانِ بالماء اعتصاري (?)
فلما وقفَ ابنُ الزُّبير على كتابه، كتب إليه: أمَّا بعد، فاجْعَلْها شُورى بين المسلمين.
وأغلظَ له في العبارة، وقال: كيف أُبايعُ من يشربُ الخمرَ، ويلعبُ بالقرود، ويأتي أمهات أولاد أبيه؟ ! ونحو ذلك.
فغضبَ يزيد، وحلف لا يقبلُ له بيعةً حتى يُؤتى به في جامعةٍ (?). فقال ابن الزبير: لا أَبَرَّ الله قَسَمَه.