[قال: ] ومَرَّ الحطيئة بحسان وهو يُنشد، فوقف عليه يسمع، فقال له حسان: مَنْ أنت؟ فقال له: أبو مُلَيكَة. فقال: ما كنتَ أهْوَنَ عليَّ منك حيث اكتنَيتَ بامرأة. فقال: أنا الحُطَيئة. فقال: اذْهَبْ بسلام (?).
وقالت مُليكة بنتُ الحطيئة: يا أبَهْ، ما بالُك صِرْتَ إلى القصائد القصار بعد الطِّوال؟ فقال: لأنها في الآذان أَوْلَجُ، وفي المحافل أجْوَلُ (?)، وعلى القلوب أسهل، وبأفواه الرجال أعْلَق.
وقال أبو عمرو بن العلاء: أصدقُ بيت قالت العرب:
يقولون يستغني وواللهِ ما الغِنَى ... من المالِ إلا ما يكفُّ (?) وما يكفي
ومن أحسن ما قال الحطيئة في آل منظور بن زبَّان من أبيات:
أَقِلُّوا عليهم لا أَبا لأبيكُمُ ... من اللوم أو سُدُّوا المكانَ الذي سَدُّوا
أولئك قومٌ إنْ بَنَوْا أحْسَنُوا البِنا ... وإنْ عاهدوا أوْفَوْا وإنْ عَقَدُوا شَدُّوا
وإنْ كانتِ النَّعماءُ فيهم جَزَوْا بها ... وإنْ أَنْعَمُوا لا كدَّرُوها ولا كَدُّوا
هُمُ آلِ سَيَّارِ بنِ عمرو بن جابرٍ ... رجالٌ وَفَتْ أحلامُهم ولهم جَدُّ (?)
ولما نزلَ الموتُ بعبد الله بن شدَّاد (?) قال لابنه: يا بُنَيَّ، كُنْ كما قال الحُطيئة:
ولستُ أرى السعادةَ جَمْعَ مالٍ ... ولكنَّ التَّقِيَّ هو السعيدُ
وتقوى اللهِ خيرُ الزادِ ذُخْرًا ... وعند اللهِ للأَتْقَى مَزِيدُ
وما لا بُدَّ أن يأتي قريبٌ ... ولكنَّ الذي يمضي بعيدُ (?)