فلما وقف عمر على الأبيات بكى، فقال عَمرو بنُ العاص: ما أظَلَّت الخضراء، ولا أقلَّت الغبراء أعدلَ من رجل [يبكي على شعر الحُطيئة، أو: ] يَرِقُّ للحُطيئة.
فجمع عمر رضوان الله عليه الصحابة [في المسجد] واستشارهم فيه، فقال: ما تُشيرون (?) فيمن يُشَبِّبُ بالحُرَم، ويهجو المسلمين، ويمدحُ بعض الناس بما ليس فيه؟ فاتفقوا على قطع لسانه.
فأحضر الحجَّام والموسى، ولم يبقَ إلا أن يقطع لسانه، فسأله فيه عبدُ الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وأكابرُ الصحابة، فاستتابَه، وأطلقَه.
وقيل: إنه اشترى منه أعراضَ المسلمين بثلاثة آلاف درهم.
وقال ابن عساكر (?): إن الحُطَيئة لَمَّا أطلقَه عمر رضوان الله عليه؛ سأله كتابًا إلى علقمة بن عُلاثة، فسار نحوه إلى الشام، فوجد الناسَ منصرفين من جِنازة علقمة، فقال وهو على قبره:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ المرءُ من آلِ جعفرٍ ... بِحَوْرانَ أمْسَى علَّقَتْه (?) الحبائلُ
فإنْ تَحْيَ لا أَمْلَلْ حياتي وإنْ تَمُتْ ... فما في حياةٍ بعد موتِك طائلُ
وما كان بيني لو لقيتُك سالمَّا ... وبين الغِنَى إلا ليالٍ قلائلُ
فقال له ابنٌ لعلقمة: كم كان في ظنِّك أنه يعطيك؟ فقال: مئة ناقة، يتبعها أولادها.
فقال: هي لك.
وقال ابنُ الكلبي: إنَّ علقمةَ بن عُلاثة بلغَه قصدُ الحطيئة له، وأنَّه في الطريق، فمرضَ، فأَوصى له بمثل سهم من سهام ولده (?).
وعلقمة بنُ عُلائة بنِ عَوْف بن الأحوص، من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري، وفدَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلمَ، وسُرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامه، وكتبَ إلى خُزاعة يبشِّرُهم بإسلامه.