[قلت: وقد عدَّ الزُّبير بن بكَّار هذه الحكاية من مكارم الأخلاق، وإنما هي من مساوئ الأخلاق لوجوه:
أحدُها: أنه جعل في مقابلة إحسانها إليه إساءتَه إليها.
والثاني: كونُه طلَّقها بغتة من غير جُرم بدا منها، ولا نفير عليه، وربّما تظنُّ بها شرًّا.
والثالث: أرى أن النساء تختلف، منهنَّ من تقدِّم الكهول على الشباب، وقد كان قادرًا على إرضائها بالمال وغيره، فلا يُعذر في ذلك].
[قال هشام: ] وكان ابنُ عامر صديقًا لأبي ذرّ، فلما وليَ البصرةَ؛ هجرَهُ أبو ذرّ؛ قال نافع الطاحي: مررتُ بأبي ذرّ، فقال لي: مِمَّن أنت؟ فقلتُ: من أهل العراق. فقال: أتعرفُ عبدَ الله بنَ عامر؟ قلت: نعم. قال: فإنه كان يتقرَّأ (?) معي ويلزمُني، ثم طلب الإمارة، فإذا قدمتَ البصرة؛ فَتَراءَ له (?)، فإنه سيقول (?): ألك حاجة؟ فقل له: [أنْزِلْني و] أَخْلِنِي. فإذا أَخْلاكَ فقل له: أبو ذرّ يُقرئك السلام، ويقول لك: إنَّا نأكلُ من التمر، ونشربُ من الماء، ونعيشُ كما تعيش.
قال: فلما قدمتُ البصرةَ؛ أبلغتُه الرسالة، فحلَّ إزاره، ثم أدخلَ رأسَه في جَيبِه (?)، وبكى حتى ملأ جَيبَه.
قيل لمعاوية: مَنْ ترى للخلافة؟ فقال: فتى قريش علمًا وحلمًا وشجاعة وسخاءً؛ عبدُ الله بنُ عامر (?).
وقال خليفة: اشترى عبدُ الله بنُ عامر دار خالد بن عُقبة بن أبي مُعَيط التي بالسوق بتسعين ألفًا، فلما كان في الليل؛ سمع بكاء آل خالد، فقال: ما لهم؟ قالوا: يبكون على فراق دارهم. فقال: يا غلام، اذْهَبْ إليهم، فعرِّفْهم أن المال والدار لهم جميعًا (?).