رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بَقِيَتْ فيه فَضْلَة، فرفَع رأسَه إليّ وتبسَّمَ وقال: "بَقِيتُ أنا وأنتَ، فاقْعُدْ واشْرَبْ". فقعدتُ وشربتُ، وهو يقول: "اشْرَبْ" وأنا أشرب. قالها ثلاثًا. فقلت: والذي بعثَك بالحقّ، ما أَجِدُ له مَسْلَكًا. فقال: "ناولْنِي القَدَح" فرَدَدْتُه إليه، فشَرِبَ من الفَضْلة. انفردَ بإخراجه البخاريّ (?).
وقال [ابن سعد: حدثنا رَوْح (حدثنا) ابنُ عَوْن، عن عبد الرحمن بن عُبيد، عن أبي هريرة قال] (?) إنْ كنتُ لأتبعُ الرجلَ أسألُه عن الآية من كتاب الله لَأَنا أعلمُ بها منه ومن عشيرته (?)، وما أتبعُه إلا ليطعمَني القبضةَ من التمر، أو السَّفَّةَ (?) من السَّويق أو الدقيق، أسُدُّ بها جُوعي.
[فأقبلتُ أمشي مع عمر بن الخطاب ليلةً أُحدِّثُه حتى بلغ بابه، فأسندَ ظهره إلى الباب واستقبلني بوجهه، وكلّما فرغتُ من حديث؛ تأخّر، حتى إذا لم أر شيئًا؛ انطلقت، فلما كان بعدُ؛ لَقِيَنِي، فقال: أبا هريرة، أما إنه لو كان في البيت شيءٌ أطعمناك (?)].
وقال: ما أحدٌ من الناس يُهْدِي إليَّ هدية إلا قبلتُها، فأمَّا أنْ أسألَ؛ فلم أكنْ لأسأل.
وكان يُسَبِّحُ في كل يوم اثنيَ عَشَرَ ألفَ تسبيحة، ويقول: أُسَبِّحُ بقدر ذنبي (?)!
[وروى أبو نُعيم عنه (?) أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة، فلا ينام حتى يُسَبِّحَ به].
وقال: لقد كنتُ أُصرَعُ -أو: لقد رأيتُني أُصرَعُ- بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحجرة عائشة (?)، فيقول الناس: إنه لَمجنون. وما بي إلا الجوع.