الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ} الآية كلُّها [البقرة: 159]. أخرجاه في الصحيحين (?).
وقال: واللهِ إنْ كنتُ لَأعْتَمِدُ بكبدي على الأرض من الجوع، [وإن كنتُ لَأشُدُّ الحجر على بطني من الجوع] (?) ولقد قعدتُ يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه، فمرَّ أبو بكر، فسألتُه عن آية من كتاب الله، ما سألتُه إلا ليُشبِعَني (?)، فلم يفعل، فمرَّ عمر، فسألْتُه وما سألتُه إلا ليُشْبِعَني، فلم يفعل، فمرَّ أبو القاسم محمدٌ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرفَ ما في وجهي وما في نفسي، فقال: "أبا هِرّ". قلتُ: لبَّيك يا رسول الله، فقال: "اِلْحَقْ بي". فتبعتُه، فدخلَ، واستأذنْتُ، فأذِنَ لي، فوجدَ لَبَنًا في قَدَح، فقال: "مِنْ أينَ لكم هذا اللَّبَن؟ ". فقالوا: أهداه إلينا فلان. أو آل فلان. قال: "أبا هرّ". قلت: لبيك يا رسول الله. قال: "انطلق إلى أهل [الصُّفَّة، فادْعُهُمْ لي] ". قال: وأهلُ الصُّفَّة أضيافُ الإسلام، لم يَأْوُوا إلى أهلٍ ولا مالٍ، إذا جاءَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هديَّةٌ أصابَ منها شيئًا، وبعثَ بها إليهم (?)، وإذا جاءَتْه الصدقةُ أرسلَ بها إليهم، ولم يُصِبْ منها.
قال أبو هريرة (?): فأَحْزَنَني ذلك. قال: وكنتُ أرجو أن أُصِيبَ من اللَّبن شَرْبَةً أَتَقَوَّى بها بقيَّة يومي وليلتي، فقلت: أنا الرسولُ، فإذا جاء القومُ كنتُ أنا أُعْطِيهم، فما يبقى لي من هذا اللبن؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعةِ رسوله بُدٌّ.
فانطلقتُ، فدعوتُهم، فأَقْبَلُوا، فاسْتَأذَنُوا، فأَذِنَ لهم، فأخذُوا مجالِسَهم من البيت. [ثم] قال: "أبا هِرّ، خُذْ فأَعْطِهِم". فأخذتُ القَدَح، فجعلتُ أُعْطِيهم، فيأخذُ الرجلُ القَدَحَ، فيشربُ حتى يَرْوَى، ثم يردُّ القَدَح، حتى أتيتُ على آخِرِهم، ودفعتُه إلى