وخرجتُ معه إلى حُنين، فاعطى رجالًا من المغنم أموالًا، وسألتُه يومئذ فألْحَفْتُ في المسألة؛ سألتُه مئةً من الإبل، فأعطاني إياها، ثم سألتُه مئة فأعطاني إيَّاها، ثم قال: "يا حكيم، [إن] هذا المال خضرةٌ حُلوة، فمن أخذَه بسخاوة نفسٍ بُورك له فيه، ومن أخذَه بإشراف نفس لم يبارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكلُ ولا يشبع، واليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول". فقال حكيم: والذي بعثكَ بالحقّ، لا أرْزَأُ أحدًا بعدَك شيئًا حتى أفارقَ الدنيا.
فكان أبو بكر - رضي الله عنه - يدعو حكيمًا إلى عطائه، فيأبى أن يأخذَه، وكذا عمر، فيقول عمر رضوان الله عليه: أيُّها الناس، أُشهدُكم على حكيم أنِّي أدعُوه إلى عطائه فيأبى أن يأخذَه، فلم يَرْزَأ حكيم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[من] أحدٍ شيئًا حتى توفّي (?).
وحكى الواقديُّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الفتح: "مَنْ دخَلَ دارَ أبي سفيان فهو آَمِنٌ، ومَنْ دَخَلَ دار بُديل بن ورقاء فهو آمِنٌ، ومَنْ دخلَ دار حكيم فهو آِمن" (?).
قال الزُّبير: شهد حكيم يومَ حُنين مسلمًا، وكان إذا حلفَ يقول: لا والذي نجَّاني يومَ بدر، وكان قد هرب في يوم بدر، وكان حكيم في جملة النفر الذين حملوا عثمان - رضي الله عنه - وصلَّوْا عليه (?).
وحجَّ حكيم ومعه مئة بَدَنَة قد جلَّلها الخزّ (?)، ووقفَ بعرفة ومعه مئة وصيف في أعناقهم الذهبُ والفضة، قد نقش عليها: عُتقاء الله (?) عن حكيم بن حزام.
فأعتقَ الجميع، ونَحرَ البُدْن، وأهدى ألفَ شاة.
وأعتقَ مئة رقبة في الجاهلية، وحملَ على مئة بعير.