قال: فوقعَتْ كلمتُه منّي موقعًا ظَنَنْتُ أَنَّ الأَمرَ سيصير إلى ما قال، وأَرَدْتُ الإسلامَ، فزَبَرَني قومي زَبْرًا شديدًا.

فلما هاجر؛ خافَتْ قريشٌ منه أن يرجع عليهم، وجاء النفيرُ إلى بَدْرٍ، فخرجتُ مع قومي، وشهدتُ المشاهدَ كلَّها معهم.

فلما كان عامُ القضيَّةِ ودخل مكَّةَ؛ غَيَّر الله قلبي عمَّا كان عليه، ودخلَني الإسلام، وجعلتُ أُفكِّرُ فيما نعبدُ من حجرٍ لا يضرُّ ولا ينفع، ولا يسمع ولا يُبصر، وأَنظرُ إلى ظَلَفِ (?) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه عن الدنيا، فيقعُ ذلك مني، فأقولُ: ما عَمِل القومُ إلا على الثوابِ لِما يكون بعدَ الموت، وجعلتُ أُحبُّ النظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن رأَيتُه خارجًا من باب بني شيبة يُريد منزله بالأبطح، فأردتُ أن آتيَه، وأُسلِّمَ عليه، وآخُذَ بيده، فلم يُعْزَم لي على ذلك.

وانصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم راجعًا إلى المدينة، ثم عُزم [لي] على الخروج إليه، فأدلجتُ إِلى بطن يَأْجَج (?)، فألقى خالدَ بنَ الوليد، فاصطحبنا حتى نزلنا الهَدَّة (?)، فما شَعَرْنا إلا بعمرو بن العاص، فانقمعنا منه، وانقمعَ منَّا (?)، ثم قال: أَين يُريد الرجلان؟ فأخبرناه، فقال: وأنا أُريد الذي تريدان، فاصطحبنا حتى قَدِمنا المدينةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعتُه على الإسلام، وأقمتُ عنده حتى خرجتُ معه في غزاةِ الفتح ودخل مكة، فقال: "يا عثمان، ائتني بالمفتاح". فأَتيتُه به، فأَخذه مني، ثم دفعه إليَّ وقال: "خُذْها تالدةً خالدةً، لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان، إنَّ الله استأمنكم على بيتِه، فكُلوا مِمَّا يصلُ إليكم من هذا البيت بالمعروفِ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015