وقال ابن سعد (?): حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني سعيد بن عبد العزيز قال: استبان فَضْلُ حبيب بن مسلمة بالشام، ولم يكن عمر بن الخطاب يُثبتُه حتى قَدِم عليه حاجًّا، فسلَّم على عمر، فقال له عمر: إِنك لفي قناةِ رجل، فقال حبيب: إي واللهِ، وفي سِنانهِ، فقال عمر: افتحوا له الخزائنَ، فليأخذ ما شاء. قال: فأعرض عن الأموال، وأخذ السلاح.
قال: ولم يزلْ حبيبٌ مع معاوية في حروبِه كلِّها؛ صفِّين وغيرِها، وكان شُجاعًا، أَغزاه معاويةُ الرومَ مرارًا.
قال الوليد بن مسلم: غزا حبيب بن مسلمة الروم في ستَّةِ آلافٍ من المسلمين، فاهتمَّ بِهم عمرُ بنُ الخطاب، فلما خرجوا سالمين سجد عمر شكرًا لله تعالى.
وذكره أَبو القاسم ابن عساكر فقال: خرج حبيبٌ إلى الشام مُجاهِدًا، فكان أميرًا على كُردُوْسٍ في يومِ اليرموكِ، ثم حضر صفّين مع معاوية، وكان صاحبَ ميسرتِه في تلك الحروبِ، ونزل دمشقَ فسكنها، ودارُهُ عند طاحونةِ الثقفيين مُشْرفة على بردى (?).
وحبيبٌ هو الذي بعث معه معاويةُ الجيشَ لنصرةِ عثمان، فلما بلغ وادي القُرى بلغه قَتْلُ عثمان، فرجع.
وقال المدائني: لقي الحسنُ بنُ عليّ حبيبَ بنَ مسلمة، فقال له: يا حبيبُ، رُبَّ مسيرٍ لك في غيرِ طاعةِ الله، فقال: أَمَّا مسيري إِلى أَبيك فليس من ذلك، فقال: بلى، ولكنك أَطَعْتَ معاويةَ لأَجلِ دُنْيا فانيةٍ زائلةٍ، ولئن قام بك في دنياك، لقد قعد بك في دينك، ولو أَنَّك إِذ فَعَلْتَ شرّا قلت خيرًا كنتَ كما قال الله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] ولكنك كما قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] (?).