بمعاقِلها، وما معه من الأموالِ والرجالِ، وما الذي يُؤْمِنُني أَن يُبايعَ لرجلٍ من أهل هذا البيت؟ فإِذا هو أَعاد الحرب جَذَعةً (?).
فقال المغيرة: أتأذنُ لي في إتيانهِ؟ قال: نعم، والطُفْ. فسار المغيرةُ إلى فارس، وبلغ زيادًا فقال: ما قَدِمَ الداهيةُ إلا لأمرٍ عظيم. فلما اجتمع به. قال له: يا أبا المغيرة (?)، إنَّ الحسنَ قد بايع معاويةَ، وقد استقام له الأمر، فخُذْ لنفسِك قبل أَن يستغنيَ عنك معاويةُ. قال: فما ترى؟ قال: أَن تَصِلَ حبلَك بِحَبْلِهِ. فأنزله من القلعة.
وذكر عمرُ بن شَبَّة وجهًا آخر (?)؛ قال: كتب معاويةُ إلى زياد بعد أَن أَقامَ في قلعته سنةً: علامَ تُهْلِكُ نَفْسَك؟ اِقْدَمْ علينا ولك الأَمانُ، وعَرِّفْني في أيِّ شيءٍ صَرَفْتَ المال، وإِنْ شئتَ أَقَمْتَ عندنا، وإن شئتَ رَجَعْتَ إِلى مَأْمنِك.
فركب زيادٌ من القلعة، وسار إِلى الشام، وبلغ المغيرةَ بنَ شعبة أَن زيادًا قد عزم على النزولِ إلى معاوية، فتجهَّز للمسير إلى معاوية، وسلك طريقًا غير طريقِ زياد، وقَدِم زيادٌ على معاوية قبل المغيرة، فسأله عن الأموال، فأخبره بما أَخرج منها، فصَدَّقه. وقَدِمَ المغيرةُ بعده بشهر، فقال له معاويةُ: ما الذي أَخَّرك، وطريقُ زياد أَبعدُ من طريقك؟ ! فقال له المغيرةُ: إِن زيادًا قَدِمَ يرجو الزيادةَ، وأنا قدِمتُ أَتخوَّفُ النقصان. يعني العَزْل.
وقيل: إنَّ زيادًا صالح معاوية على مال، ومنعه من فارسَ أن يذهبَ إليها، فسأله زيادٌ أَن ينزلَ الكوفةَ، فأَذِنَ له، فنزلها، فكان المغيرةُ يُكرمُه ويُعَظِّمُه.
وفي روايةِ عمر بن شَبَّة أَنَّ زيادًا لما قَدِمَ الكوفةَ حضر وَقْتُ الصلاة، فقال له المغيرةُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فقال زياد: أَنْتَ أَحقُّ بالصلاة في سلطانِك.
قال: ودخل عليه زيادٌ يومًا وعنده خديجةُ -وتُكنى أُمَّ أَيوب- ابنةُ عُمارة بن عقبة بن أَبِي مُعَيط، فلم تَسْتَتِر من زياد، فلما مات المغيرةُ تزوَّجها زياد. وكان قد قَدِمَ الكوفةَ بفيل، فكان زيادٌ يأْمرُ بالفيلِ أَن يقفَ عند بابٍ من أبوابِ القَصْرِ، فتنظر إِليه أُمُّ أَيوب، فسُمِّي بابَ الفيل (?).