الراشدين، أسلم قديمًا قبل دخول رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر إلى الحبشة الهجرتين ومعه زوجتُه رُقَيَّة بنتُ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم-، ولم يشهد بدرًا؛ لأنَّ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خلّفه على ابنته رقية يُمرّضها، وقيل: كان مريضًا بعلَّةِ الجُدَري، فضرب له رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بأجره وسهمه، وزوّجه أمَّ كلثوم أخت رقية؛ ولذلك سُمِّي ذا النُّورَين لجمعه بين بنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجمع قبلَه أحدٌ بين بنتي نبيٍّ غيره، وبايع عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعةَ الرضوان بيده، وقد ذكرنا تفاصيل ذلك.
وكان لَيِّن الجانب، حسنَ الخُلُق حَييَّ الطّرف، أحد حُفَّاظ القرآن على عهد رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم-، ونافع وابن عامر يقرآن على قراءته.
وذكره الموفق رحمه الله في "الأنساب" وأثنى عليه وقال: قيل للمهلَّب بن أبي صُفرة: لمَ قيل لعثمان ذي النُّورَين؟ فقال: لا نعلم أحدًا أرخى سترًا على ابنتي نبيٍّ غيره، وقال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "لو كان لنا ثالثة لزوَّجناها عثمان" (?).
وهو أحدُ أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر للخلافة، وقد ذكرنا إسلامَه فيما تقدَّم، في السنة الرابعة والعشرين عند ولايته، وبعضَ سيرته، وكان صوّامًا قوّامًا، وكان من أغنى الصّحابة.
وقال الواقدي: وسبب غنائه أن أباه عفانًا وعبدَ المطَّلب وأبا مسعود الثَّقفيّ لما سلَّط الله على أبرهةَ الطيرَ الأبابيل؛ كانوا أول مَن نزل إلى خِيَم الحبشة، فأخذوا من أموال أبرهة وأصحابِه شيئًا كثيرًا، ودفنوها عن قريش، فكان ذلك سببًا لغنائهم، ومات عفَّان فأخذها عثمان.
وقال ابن عمر: كان عثمان يقوم الليل يَتلو القرآن، فنزل فيه قولُه تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} الآية [الزمر: 9] (?)، وكان يُسمّى الوَقور لحيائه.
وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن يَحْيَى بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - كان جالسًا كاشفًا عن فَخِذه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، ثم