ووجدتُ ريحَ الموت من تلقائهم ... في مأزقٍ والخيلُ لم تَتَبَدَّدِ
فعلمتُ أني إن أُقاتل عنهم ... أُقتلْ ولا يَنْكِي عدوّيَ مَشهدي
وصددْتُ عنهم والأحبَّةُ فيهمُ ... طمعًا لهم بعقابِ يومٍ مُفْسِدِ (?)
قال خلف الأحمر: أبياتُ هُبيرة بن أبي وَهْب في الاعتذار عن الفرار خيرٌ من أبيات الحارث، وهي: [من الطويل]
لعَمْرُك ما وَلَّيتُ ظهري محمدًا ... وأصحابَه جُبْنًا ولا خِيفةَ القتلِ
ولكنني قَلَّبْتُ أمري فلم أجد ... لسَيفي غناءً إن ضربتُ ولا نَبْلي
وقفتُ فلما خِفتُ ضيعةَ مَوقفي ... رجعتُ لعَودٍ كالهِزَبْر أبي الشِّبْلِ (?)
وكان الحارث سيِّدًا في قومه، شريفًا في الجاهلية، ورُوي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرَ فِعلَه في الجاهلية في قِرى الأضياف وإطعامِ الطعام، فقال: إنه لسَرِي، وكان أبوه سَريًّا، ووَدِدْتُ أن اللَّه هداه إلى الإِسلام.
وكان الحارث جوادًا شاعرًا فاضلًا، وفيه يقول الشاعر: [من الكامل]
أحسبت أن أباك حيق تَسبُّني ... في المجد كان الحارثَ بنَ هشامِ
أَولى قريشٍ بالمكارم كلِّها ... في الجاهلية كان والإِسلامِ (?)
قال الواقدي: لم يزل الحارث مُقيمًا بمكة، حتى جاء كتابُ أبي بكر يَستنفر الناس إلى الشام لجهاد العدوّ، فاستعدّ للخروج (?).
وقال الزبير بن بكار: تجهَّز الحارث من مكة غازيًا، فخرج بماله إلى الشام وأهله، وتبعه أهلُ مكة يبكون عليه، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب، فبكى وقال: واللَّه لو كنت مستبدلًا دارًا بدار، وجيرانًا بجيران، ما أردتُ بكم بدلًا، وفي رواية: واللَّه ما خرجتُ رغبةً بنفسي عنكم، ولا أختار بلدًا غيركم، ولكن كان هذا الأمر، فخرجتْ فيه