وقال الهيثم: لمّا بعث أبو بكر - رضي الله عنه - العلاء بنَ الحَضرمي إلى البحرين، فلما وصل إلى اليمامة لحق به ثُمامة بن أثال الحَنَفيّ ومَن أسلم من بني حنيفة، فسلك على الدَّهنَاء، وانضمّ إليه من سَعد الرّباب مثلُ عَسكرِه, فلما جاء الليل نزل العلاء ونزل الناس، فلما كان نصف الليل نَفرت الإبلُ نَفْرَةً لم يبق منها بعيرٌ إلا شَردَ، وعليها أزوِدَتُهم، فاغتمَّ الناس، وقالوا: إن طَلَعت علينا الشمسُ غدًا صرنا كأمسِ الذَّاهبِ، فقال العلاء: يا قوم، ألستمُ في سبيل الله؟ ألستم أنصارَ الله؟ قالوا: بلى، قال: فأبشروا، فإن الله لا يَخذل مَن كان على ما أنتم عليه.

فلما طلع الفجر صلّى بهم، ودعا، وتضرَّعَ إلى الله تعالى، فلما طلع الصبح إذا بسَرابٍ يَلمع، فتأمَّلوه وإذا به ماء، فكبَّروا وشربوا منه، فما تَعالى النهارُ إلا والإبلُ قد جاءت تَطرُدُ من كلَّ وَجْهٍ، فأناخت إليهم، فقام كلُّ واحدٍ إلى بَعيره فما فَقدوا عِقالًا، وكان في الرَّكْبِ أبو هريرة، فقال لمِنْجاب بن راشد وكان ماهرًا: كيف عِلمُك بهذا المكان؟ فقال: والله ما أَعرف به ماءً قبل اليوم.

وسار العلاء حتى نزل هَجَر، وأرسل إلى الجارود، وكان قد اعتزل القومَ أن يأتيَه في عبْدِ القيس ليُنازلوا الحُطَم، وكان المرتدُّون قد اجتمعوا إليه، وخَندق الفريقان، فكانوا يَقتتلون ثم يَرجعون إلى خنادقهم، فأقاموا على ذلك شهرًا، فبينا المسلمون ذات ليلة يَتحسَّسون الأخبار إذ سمعوا في عسكر المرتدّين ضَوضاءَ شديدة، فقال العلاء: مَن يأتينا بخبرهم؟ فقال عبد الله بن حَذَف (?): أنا، وكانت أمُّه عِجْلِيَّة، فخرج حتى أتى الخندق فأخذوه، وقالوا: مَن أنت؟ فانتسب لهم، ونادى: يا أبجراه، فجاء أبجر بن بُجَير فعَرَفه، فقال: دعوا ابنَ أختي، ثم حمله إلى رحله، فوجد القومَ سُكارى وهم يَهذُون، فخرج من وقته إلى العلاء فأخبره، فركب العلاء والمسلمون، واقتحموا خنادقَهم، ووضعوا السيوفَ فيهم، فأصبحوا بين قتيلٍ وجريحٍ وأسير. وقام الحُطَم إلى فرسه ليَركبه، فلما وَضع رجلَه في الرِّكاب انقطع، فمرَّ به [عفيف] بن منذر التَّميميّ، فضرب رجلَه فأطَنّها من الفَخذِ، ومرَّ به قيس بنُ عاصم فقتله، وأسَرَ عفيفُ بنُ المنذر الغَرور بن [سويد، ابن أخي] النعمان (?)، وجاء به إلى العلاء، وكان الحَوفَزان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015