وبعث بالكتاب مع أبي سعيد الخدري وقال له: لا تُفارقْه حتى تُشخِصه منها، وقل له فيما بينك وبينه: اقْدم العراق، فإن بها رجالًا من المسلمين من ربيعة، وهم أهلُ بأسٍ وعَددٍ وشَرفٍ، فإذا أنت قَدِمتَ فصُلْ بهم على عدوِّك مع مَن معك، وأقم هناك حتى يأتيك مددي إن شاء الله عاجلًا، وإن أنا حوَّلتُك عنها كنتَ الأمير على الناس أينما كنتَ، ليس عليك دوني أمير، فلما قرأ الكتاب قال: هذا رأي ابن حنتمة، وإني قد صاهرتُ هذا الحيَّ، وأُمِّرت عليهم، فظنَّ أن المقام يُعجبني بين أظهُرهم، فأشار على أبي بكر أن يُحوِّلَني من مكاني، لقد أعجب ابن الخطاب بخلافي، فلما ذكر له أبو سعيد الكلام الذي قاله أبو بكر طابت نفسُه، وحمد الله وأثنى عليه، وقرأ عليهم كتاب أبي بكر، وقال: إني سائر إن شاء الله، فمَن أراد الخير العاجل والثواب الآجل فلينكمِشْ.
وهو حِصنُ البحرين، قال ابن الكلبي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعث العلاء بنَ الحَضْرَميّ إلى البحرين إلى المنذر بن ساوى، فأسلم، ومات المنذر فاوصى بثُلث ماله، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدَّت ربيعةُ بالبحرين إلا الجارود بن المُعَلَّى فإنه ثبت على إسلامه.
قال ابن إسحاق: ولما بلغ أهلَ البحرين أن أبا بكر بعث العلاء بنَ الحَضْرميّ إليهم اجتمعوا وقالوا: نَردُّ الملك إلى بني المنذر، وفيهم رجلٌ منهم يُقال له: المنذر بنُ النعمان بن المنذر، يُكنى أبا جوعب، ويُلقَّب بالغَرور، فأتوه لذلك فأبى عليهم، فلم يزالوا به حتى قَبل منهم ذلك، فرأسوه عليهم، وخرجت سَريَّةُ المسلمين، فأصابوا رِعاء لبني قيس بن ثعلبة، فاستاقوا الإبلَ والرِّعاء فأَحرزوها، وكانت الإبل للحُطَم، واسمُه شُريح بن عمرو بن شرحبيل من قيس، والحُطَم لقبٌ له (?)، فجمع جمعًا من بني قيس ابن ثعلبة، واستمدَّ الحُرَّ بن جابر العجليّ فأمدَّه.