أصحابه، فلامَه خالد على ذلك وعلى عجلتِه.
وكان مسيلمة نازلاً بمكان يُقال له عَقرباء في أربعين ألف مقاتل، فخرج مُجَّاعة بن مُرارة الحنفيّ في سريّة، وطلب ثأرًا له فى بني عامر، وكان قد غلبه الكَرى، فنزل هو وأصحابه فعَرَّسوا، وكانوا ثلاثة وعشرين فارسًا، فمرَّت بهم خيل لخالد وهم نيام، فأخذوهم وأوثقوهم، وكانوا قد أخذوا خولة بنت جعفر العامريّة وهي معهم، فخَلَّصوها، وأتوا بهم خالدًا فقال: ما تقولون؟ فقالوا: منّا نبيٌّ ومنكم نبيّ، فأمر خالد بقتلهم، فقال له ساريةُ بنُ عامر رجلٌ منهم: يا خالد إن كنتَ تُريد غدًا بأهل اليمامة خيرًا أو شرًا فاستبْقِ مُجَّاعة ولا تَقتُلْه، فأوثقه بالحديد، وسلَّمه إلى زوجته أمِّ تميم، وقال: استوصي به خيرًا.
وقيل: إنما نزل خالد بعقرباء، وهي ماء أو منزل في طريق اليمامة، ثم صفّ خالد عسكَرَه، وجعل على الميمنة زيد بنَ الخطاب، وعلى الميسرة أبا حُذيفة، وعلى المقدِّمة شُرَحبيل بن حسنة، وراية المسلمين مع سالم مولى أبي حذيفة، وصفَّ مسيلمة عسكَرَه، فجعل على ميمنته مُحَكَّم اليمامة وهو مُحَكَّم بن الطُّفيَل، وجعل على ميسرته الرَّجَّال بن عُنْفُوة الذي شهد لمُسيلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشركه في الأمر، وكان وزيرَ مسيلمة وصاحب أمره، وكان أبو بكر قد بعث الرَّجَّال إلى أهل اليمامة؛ وهو يظنُّ أنه على الصدق فخانه.
قال أبو هريرة: كنتُ جالسًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رَهْطٍ، ومعنا الرجَّال بن عُنْفُوة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن فيكم لرجلاً ضرسُه في النار مثل أحد" (?). فهلك القوم، وبقيتُ أنا والرَّجَّال، فكنتُ متخوِّفًا منها حتى خرج الرجَّال مع مسيلمة، فشهد له بالنبوَّة، فكانت فتنةُ الرَّجَّال أعظمَ من فتنة مسيلمة، ثم التقى الناس.
قال الواقدي: وكان زيد بن الخطاب حاملَ راية المسلمين، فانكشف المسلمون، وغلبت بنو حنيفة على الرجَّال، فجعل زيد يشد بالراية ويقول: أما الرجَّال فلا رجَّال، وجعل يصيح بأعلى صوته: اللهمَّ إنني أبرأُ إليك مما جاء به مسيلمة، وأعتذر إليك من