وسلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نَخْلةِ اليمانية ثم على لِيَّةَ، وابتنى بها مسجدًا بيده، وأصحابهُ ينقلون إليه الحجارة.

وأُتي يومئذٍ برجلٍ من بني ليث قتلَ رجلًا من هُذيلٍ فسلَّمه إلى هذيل فقتلوه، وكان أوَّلَ دمٍ أُقيد في الإسلام، وحرقَ قصرَ مالك بن عوف بلِيَّة ولم يكن به أحدٌ، ومالك بن [عوف في] (?) حصن ثقيف، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل قريبًا من الطائف، فجاءهم النَّبْلُ كأنَّه الجرادُ، حتى أُصيبَ من المسلمين أناسٌ، فقال له الحُبابُ بن المنذر: إن كان نزولك يا رسول الله عن أمرٍ، سلَّمنا، وإن كان عن غيرِ أمرٍ، فالرأيُ أن نتأخَّر، فقال: "انظروا مَكانًا مُرتَفِعًا" فنزلوا في موضع مسجد الطائف خارجًا من القرية، وأبو محجن يرمي من فوق الحصن بمعابل (?) كأنها الرماحُ ما يسقُطُ له سَهْمٌ، وخرج من الحصنِ امرأةٌ ساحرةٌ فاستقبلت الجيش بعورتِها، يدفعون بذلك عن حصنهم (?).

وشاور رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في ذلك، فقال له سلمان: قد كُنَّا بفارسَ ننصُبُ المجانيق [وإن لم يكن المنجنيق] (?) طال الثواءُ، فأمره بعملهِ ونصبه على الحصن، وعمل يزيدُ بن ربيعةَ دبابتين، ونثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَسَكًا من عيدانٍ حول حصنهم، ودخل المسلمون تحت الدبابتين وهما من جلود البقر، وقاتلوا ثم رجعوا إلى جدار الحصن ليحصروه، فرمى عليهم القوم سكك الحديد المُحْماةَ بالنار فأحرقوا الدبابتين، وخرج بعض المسلمين منهما، فسُمِّيَ: يوم الشَّدْخَةِ، ورماهم القومُ بالنَّبْلِ فقتلوا جماعةً، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعنابهم وتحريقها، فنادى منادي القوم: يا محمدُ، لمَ تقطعُ أموالَنا؟ إما أن تأخذَها إن ظَفِرت علينا، وإمّا أن تدَعَها لله والرَّحِمِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي أدَعها لله والرَّحمِ" فتركها (?).

وتقدَّم أبو سفيان بن حرب والمُغيرةُ بن شعبةَ إلى ثقيفٍ فقالا: أمِّنونا حتى نتكلَّم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015