وعن أبي هريرة قال: شهدنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خيبرَ، فقال لِرجلٍ ممن يدَّعي الإسلام: "هَذا مِن أَهلِ النَّارِ" فلما حضَر القتالُ قاتل الرجل قِتالًا شديدًا، فأصابه جِراحةٌ، فأُخبِرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقتاله، فلما كان في الليل لم يَصْبِرْ على ألم الجِراح فقتل نفسه، فأُخْبِرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهُ أكبَرُ، أَشهَدُ أَنِّي عبدُ اللهِ ورَسولُه" ثُمَّ أَمرَ بلالًا فنادى في الناس: "إِنه لا يَدْخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مُؤمنةٌ أو مُسلِمةٌ، وإنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هذا الدينَ بالرجلِ الفَاجِرِ". أخْرَجاه في "الصحيحين" (?).
ولما فرغ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر أهدت له زينبُ بنت الحارث اليهودية - ابنة أخي مَرْحَب، امرأةُ سَلَّام بن مِشْكَم - شاةً مَصْلِيَّةً، وكانت قد سألت: أَيُّ الأعضاءِ أحبُّ إليه؟ فقيل لها: الذراعُ، فأكثرت فيه السُّمَّ، وجاءت بالشاة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَناول من الذراع مُضغَةً فلم يُسِغْها، فلفظَها، وكان عنده بِشْرُ بن البراء بن مَعْرور فأخَذَ [كما أخذ] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأساغها، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هَذا الذِّراعَ لَيُخْبِرُني أنَّه مَسمُومٌ" فدعا بها فسألها فاعترفت، فقال: "ما حَمَلَكِ على هَذا"؟ فقالت: بلغتَ مِنْ قومي ما قد بلغتَ، فقلتُ: إن كان نبيًّا، فَسَيُخْبَرُ، وإن كان مَلِكًا، استرحنا منه (?).
قال البخاري: فَعفا عنها ولم يقتلها (?).
وقال الواقدي: الثابتُ عنْدنا أنه قتلها (?).
وقال الهيثم: لما مات بِشْر بن البراء دفعها إلى أوليائه، فقتلوها به.
وفيها: حرَّمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لُحومَ الحُمُرِ الإنْسِيَّة، وقد كانت مباحةً قبل ذلك.
قال أبو ثعلبة: غزوتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، فأصبنا بها حُمُرًا من الحُمُرِ الإنسية فذبحناها، وأُخْبِر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر عبد الرحمن بن عوف فنادى في الناس: "إنَّ