فصل: وأما عمرو بن أمية الضمري فإنه قدم على النَّجاشي الأصحم ملك الحبشة، وكان قد كتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"سَلامٌ عليك، أما بعدُ: فإنِّي أَحمد إليكَ اللهَ الذي لا إلهَ إلا هُو، الملكُ القدوسُ السَّلامُ المؤمِنُ المُهيمنُ العزيزُ الجبَّارُ المتكبِّرُ، وأَشهَدُ أنَّ عيسى بنَ مريمَ روحُ اللهِ وكلمتُه أَلْقاها إلى مريمَ العذراءِ البَتُول الطيِّبة الحَصِينة، فحملَت بعيسَى فَهو مِن روح اللهِ، وإنِّي أدعوكَ إلى الله وحدَهُ لا شَريكَ له، وأن تَتَّبعني وتُؤمِنَ بي، فإنِّي رسولُ الله وحدَه لا شَريكَ له واستوصِ خيرًا بابن عمِّي جعفر وبمَن مَعَه من المُسلِمينَ وتواضَع لهم ولا تتكَبَّر عليهم، والسَّلام".
فكتب إليه النجاشي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إلى محمد رسول الله من النَّجاشي الأصحم بن أبجر، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، والحمد لله الذي هداني للإسلام، وقد بلغني كتابك فيما ذكرت [من أمر عيسى، فورب السماء والأرض، إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت] ثُفروقًا وقد عرفتُ ما بعثتَ به إلينا، وقد قرَّبنا ابن عمك وأصحابَه، وأشهد أنَّك رسول الله، وقد أسلمتُ على يد ابن عمِّك وبايعته وأسلمت لله رب العالمين، وقد بعثتُ إليك بابني أرها بن الأصحم، وإنِّي لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيكَ بنفسي فعلت (?)، والسَّلام.
قال ابن إسحاق: فذكروا أنه بعث بابنه في ستين من الحبشة في سفينة ومعه هدايا حَبِرَة، فغرق في وسط البحر.
وقال الواقدي: لما قرأ النجاشي كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن سريره وجلس على الأرض تواضعًا لله تعالى وقال: لو قدرت على إتيانه لأتيته.
"الأصحم": الأسود يضرب إلى الصفرة، وقيل: هو لقب لملوك الحبشة و"الثفروق" قمع البُسْرةِ وقيل: قمعُ التمرة.