فإن كان حقًّا فهو نبيٌّ مُرسلٌ، وإن لم يكن فسنرى فيه رَأْيَنا.
فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شِيرُويه بن كسرى يقول فيه: أما بعد: فإنِّي قد قتلتُ كِسْرَى ولم أقتله إلا غَضَبًا لفارس لِما كان استحل من قتل أشرافها وسوءِ سيرته، وما قتلته إلّا برأيهم، فانظر من قبلك فخذ عليه الطاعة، والرجل الذي كتب إليك أبي بسببه فلا تُهِجْهُ حتى يأتِيكَ أمري فيه. والسَّلام.
فلما قرأ كتابه قال: آمنت أن هذا الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأَسلَم وأسلم معه الأبناء ومن كان باليمن من فارس، فكانت حمير تقول: لخُرَّخسره: ذو المِعْجَزة، للمنطقة التي أعطاه إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي بلسان حمير كذلك، فبنُوه اليوم ينسبون إليها (?).
وسأل باذان قَهْرمانَه: هل مع الرجل شُرَطٌ؟ قال: لا، قال: هو نبي.
وقال الزهري: كتب كسرى إلى باذان: بلغني أن رجلًا خرج بمكة يزعم أنه نبي، فسر إليه فاستتبه، فإن تاب وإلَّا ابعث إليَّ برأسه. فبعث باذان كتاب كسرى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ قَد وَعَدَني أَن يَقتُلَ كِسْرى في وَقتِ كَذا في شَهرِ كَذا" فقُتل في الوقت الذي ذكره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم باذان ومن كان عنده من الفرس باليمن (?).
وقال الواقدي: قُتل كسرى ليلة السبت لست ساعات مضين من جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة. وقيل: لعشر مضين منه سنة ست من الهجرة.
وقال أبو هريرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا هَلَكَ كِسْرَى فلا كِسْرَى بعدَهُ، وإذا هَلَك قَيصَرُ فلا قَيصَرَ بعدَهُ، والذي نَفْسِي بيَدِه لَتُنْفقَنَّ كُنوزُهُما في سبيلِ الله". متفق عليه (?).
وكان كما قال، لأن أمر فارس انحل بعد أَبرويز، وكذا هرقل ما عاد إلى الشام واستولى المسلمون في مدة يسيرة على العراق والشام.