فقالت له عائشة: لكنك لستَ كذلك، فقلتُ لها: أَتأذنين لهذا أَن يدخُلَ عليك وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] فقالت: وأيُّ عذابٍ أَشدُّ من العمى، أليس قد ذهب بصره وكَسَعَ (?).

وهذا البيت من أبياتٍ يعتذر بها حسان إلى عائشة هو أولها، وبعده (?): [من الطويل]

حَليلَةُ خيرِ النَّاس دُنيا ومَنصِبا ... نبيُّ الهُدى والمَكْرُماتِ الفَواضِلِ (?)

عقيلةُ حيٍّ من لؤيِّ بن غالبٍ ... كرامِ المساعي مجدُهم غيرُ زائلِ

مهذَّبةٌ قد طيَّب الله ذكرها ... وطهَّرها من كل شرٍّ وباطلِ (?)

فإن كان ما قد قيل عَنِّيَ قلتُه ... فلا رفَعَت سوطي إليَّ أناملي

وإن الذي قد قيل ليس بلائطٍ ... بكِ الدهرَ، بل قولُ امرئٍ بيَ ماحِلِ (?)

وكيف ووُدّي ما حَيِيتُ ونُصرتي ... لآل رسولِ الله زَيْنِ المحافلِ

له رُتَبٌ يعلو على الناسِ فضلُها ... تُقَصِّرُ عنها سَوْرَةُ المتطاولِ (?)

فقالت عائشة رضوان الله عليها لمسروقٍ: إِنه كان يُنافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقالت: ما سمعت أحسن من قول حسان، وما تمثَّل به إلا رجوت له الجنة، فإنه هو القائل لأبي سفيان (?): [من الوافر]

هَجوتَ محمدًا فأَجبتُ عنه ... وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015