قالت: فَسُرَّيَ عنه وهو يضحك، فكان أولُ كلمةٍ تكلَّم بها أَن قال: "يَا عَائشةُ، احمَدي الله وأَبشِرِي، فإنَّ الله قد برَّأَكِ" فقالت لي أُمي: قومي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: لا أَقومُ إليه، ولا أَحمَدُ إِلا اللهَ الذي أَنزل براءتي من السماء. وأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] العشر آيات.

قالت: وكان أَبو بكرٍ يُنْفِقُ على مِسْطَحٍ لِقَرابته منه وفقرِه، فقال: والله لا أُنفق عليه أبدًا بعد ما قال في عائشة، فأنزل الله {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إلى قوله: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكر: بلى، إني أُحبُّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مِسْطَح ما كان يُجري عليه، وقال: والله لا أنزعُها عنه أَبدًا.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أَمري فقال: يا زينبُ، ما رأيتِ؟ ما بلغَكِ؟ فقالت: يا رسول الله، أَحمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ عليها إلَّا خيرًا، قالت عائشة: وهي التي كانت تُساميني من أَزواجه فعصمها الله بالورعِ، وطَفِقَت أُختُها حَمْنةُ بنت جحش تجادلها فهلكَت فيمن هلك من أَصحابِ الإفك. قال ابن شهاب: فهذا ما انتهى إلينا من أَمرِ هؤلاء الرهط. أخرجاه في "الصحيحين" (?).

وأَمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحسّان بن ثابت وحمنةَ بنت جحش ومِسْطَح فضُربوا الحدَّ لأنهم الذين أشاعوا الفاحشة (?).

وقال مسروق: دخلتُ على عائشة وعندها حسان بن ثابت يُنشدها وقد أَلقت له وسادةً بعد ما عمي: [من الطويل]

حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ ... وتُصبحُ غَرْثى من لُحومِ الغوافلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015