تعلَّمتُ التوراة من أبي، وعرفتُ تأويلها، فوقفني على صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلاماتِه فيها. وقال: إن كان من ولد هارون اتبعته، ومات قبل قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فبينا أنا في عِذْقٍ أَجْني رُطَبًا، صاح صائح من بني النَّضير: قدم صاحب العرب اليوم. فكبرتُ تكبيرةً عالية، وعمتي عجوز تحت العِذْق، فقالت: أي حبيب، والله لو كان القادم موسى - عليه السلام - ما زِدْت على ما صَنَعْتَ. فقلت: هو أخو موسى - عليه السلام - ونبيٌّ مثله، ثم نَزَلْت وأَتَيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرفتُه بالصّفة، وحدَّثتُه حديث أبي، وأسلمت، ثم أَسلَمَتْ عمتي (?).
وأسلم مُخَيريق اليهودي (?)، وفيه نزل قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} الآية [الأحقاف: 10].
وفيها: أسلم أبو قيس صِرْمةُ بن أبي أنس النجاري (?).
وفيها: رأى عبد الله بن زيد الأنصاري الأذان في منامه.
قال عبد الله بن زيد بن عبد ربّه: لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بالنَّاقوس يجمع الناس للصلاة وهو كاره لموافقة النصارى، طاف بي من الليل طائف وأنا نائم، رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، فقلت له: يا عبد الله، ألا تبيع النَّاقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت. ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: بلى. قال: تقول: الله أكبرُ الله أكبر، الله أكبرُ الله أكبرُ، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنْ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، الله أكبرُ الله أكبر لا إله إلا الله. ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبرُ الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاةُ قد قامت الصلاةُ، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحتُ أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: "رُؤيا حَق إن شَاءَ اللهُ تعالى" ثم