جزى الله رب الناس خير جزائه ... الأبيات، فلما سمعنا صوتَه، علمنا أين توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).
وقال الواقدي: قالت أم معبد: طلع علينا أربعة على راحلتين، فنزلوا بي، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة أريد أن أذبحها له، فإذا هي ذات در فأَدنيتُها منه فلمس ضَرْعَها وقال: لا تذبحيها. وأَخَذْتُ أُخرى غيرها، فذبحتُها وطبختها لهم، فأكل هو وأصحابه منها، وملأت سُفرتهم، وبقي عندي لحمها أو أكثره، وبقيت الشاة التي لمس ضَرعها عندنا حتى كان عام الرَّمادة في عهد عمر - رضي الله عنه -، فكنا نحلبها صبوحًا وغبوقًا، وما في الأرض قليل ولا كثير. وعام الرمادة كان في سنة ثمان عشرة من الهجرة (?).
قالت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها -: جاء في تلك الليلة أبو جهل ومعه نفر من قريش، فوقفوا على الباب وصاحوا، فخرجت إليهم، فقال أبو جهل: أين أبوك؟ قلت: لا أدري. فرفع يده فلطم خدي لطمة طرح منها قُرطي، وذكر كلامًا فاحشًا (?).
وقالت أسماء: لما خرج أبو بكر - رضي الله عنه - احتمل ماله كلَّه، وكان ستة آلاف درهم، فدخل عَليَّ جَدِّي أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، فقلت. كلا قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، وأخذت أحجارًا، فوضعتها في كُوَّة البيت، وقلت: ضع يدك على المال، فوضعها وقال: لا بأس إن كان ترك لكم هذا، فقد أحسن. قالت: ووالله ما ترك لنا شيئًا، وإنما أردت أن أُسَكِّنَ الشيخ (?).
وقال الطبري: لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة، سمعت قريش قائلًا في الليل على أبي قُبَيس يقول: [من الطويل]
فإن يُسْلمِ السَّعْدانِ يُضحي مُحمدٌ ... بمكَّةَ لا يخشى خلاف المخالف