وقال الواقدي: جاءت قريش إلى باب الغار -وقد نسجت عليه العنكبوت، وأمر الله شجرة فنبتت في وجه الباب، وجاءت حمامتان فعششتا على الباب- ومعهم القائف فنظر إلى الأقدام وقال: هذا قدم ابن أبي قحافة، وهذا الآخر أعرفه إلا أنه قدم يشبه القدم الذي في المقام -يعني مقام إبراهيم - عليه السلام -، فقالت قريش: ما وراء هذا شيء، فانْصَرَفوا.

وقال ابن سعد: جاءت قريش إلى باب الغار، فرأت العنكبوت قد نسجت عليه، فقال بعضهم لبعض: لو كان ها هنا أحد ما نسجت هذه العنكبوت. وقال بعضهم: هذه العنكبوت هنا قبل أن يولد محمد. وأقبل فتيان قريش من كل بطن قد شهروا سيوفهم، فرأوا الحمامتين فقالوا لأصحابهم: ليس هنا أحد. وسمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسمَّتَ عليهن، فانحدرت إلى حرم الله، وحرَّم الله صيدهن (?).

وقال ابن إسحاق: ضربت الملائكة وجوه الكفار، فعادوا.

وقال البلاذري: بعثت قريش قائفين يقصان الأثر، أحدهما: كُرْزُ بن علقمة الخزاعي، ومعهما أُبَيُّ بن خلف، فقال القائفان: إلى هنا انتهى الأثر. وقال أمية بن خلف: والله إني لأرى هذا النسج ها هنا قبل أن يخلق محمد، وبال حتى جرى بوله بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي بكر - رضي الله عنه -، ونادت قريش: من جاء بمحمد وبابن أبي قحافة، فله مائتا بعير أو دِيَتهما (?).

وفي الغار يقول أبو بكر - رضي الله عنه - (?): [من البسيط]

قال النبي -ولم أجزع- يُثَبِّتُني ... ونحن في سُدَف من ظُلمة الغارِ

لا تخش شيئًا فإنَّ الله ثالثُنا ... وقد تكفَّل لي منه بإظهارِ

وإنَّما كيد مَن تُخشى بَوادره ... كيد الشَّياطين قد كادت لكفارِ

والله مُهلكهم طُرًّا بما صنعوا ... وجاعلُ المنتهى منهم إلى النَّارِ

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015