عليهم، وعبثوا بهم، ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالونه قبل ذلك، فشكا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه واستأذنوه، فقال: "إنه لم يُؤْذَن لي في ذلك بَعْدُ"، ثم إنه خرج عليهم بعد ذلك، فقال: "قد أُريتُ دَار هِجرَتِكُم وهي سَبْخَةٌ ذاتُ نَخْل بين لابَتَين و [لو] كانت السراة أرض نَخْل وسَبَخ لقلت: هي هي" ثم مكث أيامًا وخرج إليهم مسرورًا وقال: "قد أُرِيتُ دارَ هِجرَتِكُم، وهي يَثْرِبُ، فَمن أرادَ الخُروجَ فَليَخرج" فجعل القوم يتجهزون ويترافقون ويتسللون ويتواسَوْن ويخفون خروجهم (?).

وأول من قدم المدينة بعد مصعب بن عمير من فقراء المهاجرين: ابن أم مَكتوم (?)، وأبو سلمة بن عبد الأسد بعده، وقيل: أول من قدم مهاجرًا: أبو سلمة قبل العقبة الأولى بسنة، وكان قد هاجر إلى الحبشة، ثم قدم مكة وهاجر منها إلى المدينة (?).

وكانت أمُّ سلمة - رضي الله عنها - أولَ امرأة وردت المدينة، وقيل: أولُ ظَعينة قدمت المدينة: ليلى بنت أبي حَثْمة بن عدي زوجة عامر بن ربيعة العنزي (?).

ولما قدموا المدينة على الأنصار آوَوْهم وواسَوْهم، وسالمٌ مولى أبي حُذيفة يؤم بهم في قباء، ثم قدم المدينة: بلالٌ وسَعْد وعُمَرُ وعمار - رضي الله عنه -.

وتتابع الناس فلم يبق بمكة من بني أسد بن خزيمة أحد حتى أغلقت أبوابهم، وأبواب بني البُكَير، وأبواب بني مَظعون.

وقدم جماعة من الأنصار الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند العقبة البيعة الثانيةَ إلى مكة، ثم هاجروا منها إلى المدينة، فهم مهاجرون أنصاريون منهم: ذكوان بن عبد قيس، وعقبة بن وهب، والعباس بن عبادة، وزياد بن لبيد.

وخرج من مكة [مَنْ فيها] من المسلمين، ولم يبق فيها سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015