عادوا إلى أشَرِّ مما كانوا عليه، وازدادوا شدة على من أسلم، وكان قد سمع من هاجر إلى الحبشة بأن قريشًا قد صافَوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجعوا إلى مكة، فلما قربوا منها، بلغَهم ما جرى فوقفوا عن الدخول، ثم دخل كل رجل منهم في جوار رجل من قريش.
فدخل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في جوار أبي أُحَيحةَ سعيد بن العاص بن أمية، فكان يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طرفي النهار آمنًا.
ودخل أبو حذيفة بن عتبة في جوار أبيه.
ودخل مصعب بن عمير في جوار النَّضر بن الحارث بن كَلَدَةَ، ويقال: في جوار أبي عزيز بن عمير أخيه، ودخل الزبير بن العوام - رضي الله عنه - في جوار زَمْعَة بن الأسود.
ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة، ثم رد عليه جواره ورضي بجوار الله لَمَّا رأى ما فيه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من البلاء، قال: والله إن غُدوي ورواحي آمنًا في جوار رجل من المشركين، وأصحابي يلقون من البلاء ما لا يصيبني مثله لنقصٌ كثير في نفسي، ذمة الله أعز وأمنع. ودخل سهيل بن بيضاء في جوار رجل من عشيرته من بني فهر، وقيل: دخل مستخفيًا بغير جوار حتَّى هاجر الثانية.
ودخل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - في جوار الأسود بن عبد يغوث، وقيل: دخل بغير جوار.
وعبد الله بن مسعود فدخل بغير جوار، والأشهر أنَّه ما دخل مكة ورجع إلى الحبشة.
قالت أم سلمة - رضي الله عنها -: لما قدم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحبشة في الهجرة [الأولى إلى مكة]، اشتد عليهم قومهم، وسطت بهم عشائرهم، ولقوا منهم أذىً شديدًا، فأذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة إلى الحبشة مرة ثانية، فقال له عثمان بن