وفيها: اختصه الله برسالته وبعثه إلى كافة خليقته، ولم يزل منذ منذ شبَّ يكلؤه الله ويحرسه من أَقْذاءِ الجاهلية ومعايبها لما يريده الله من كرامته.
واتفقوا على أنَّه بعث في أيام كسرى أبرويز في يوم الاثنين.
واختلفوا أي الأثانين على أقوال:
أحدها: لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، ظهر له جبريل بالرسالة، قاله جمهور الصحابة. عمر، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأنس، وأبي بن كعب، في آخرين.
والثاني: لثماني عشرة ليلة خلت من ربيع.
والثالث: لسبع وعشرين خلت من رجب.
والرابع: لأربع وعشرين خلت من رمضان. وقال مجاهد: سبع وعشرين خلت منه.
والقول الأول أشهر، وعليه العمل عند أهل العلم.
قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أولُ ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرُّؤيا الصادقة -أو الصالحة- في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل (?) فَلَقِ الصُّبحِ، ثم حُبِّبَ إليه الخَلاء، فكان يأتي غار حراء فيتحنَّثُ فيه -والتحنُّثُ هو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة - رضي الله عنها - ويتزود حتَّى جاء -أو فَجَأَهُ- الحق في غار حراء، فجاءه الملك فقال. اقرأ. فقال: "ما أَنَا بقارِئٍ" قال: "فأخذني فَغَطَّني الثَّانية والثَّالثة حتَّى بَلَغ منِّي الجَهْدُ، ثم أَرسَلَني