وقال الشعبي: مر حاتم في مسير له ببني عَنَزَةَ وفيهم أسير، فاستغاث به، فقال له حاتم: لقد أسأتَ إليَّ حيث نَوَّهْتَ باسمي، وليس معي ما يفديك، ولستُ ببلاد قومي، ولكن طِب نَفْسًا، وجاء إلى الذي أسره فاشتراه منه بمئة ناقة، وفك القيد من رجليه وجعله في رجل نفسه، وقال: اذهب إلى أهلي، وأعطاه أمارة إليهم بالتسليم، ومضى الرجل، وأقام حاتم في قيوده حتى عاد الرجل بالإبل، وأطلق حاتم (?).

وقال الشعبي: سأل رجل حاتمًا: هل في العرب أكرم منك؟ فقال: كل العرب أكرم مني، نزلتُ على غلامٍ يتيم، وكان له مئة شاة، فذبح لي شاة، فقلت: ما أطيب مخها أو دماغها. فلم يزل يأتيني بدماغ دماغٍ حتى ذبح المئة، فأصبح ولا شيء له، قيل له: فما صنعت مع الغلام؟ قال: وما عساني أن أبلغ شكره، والله لو خرجت معه من جميع مالي ما جازيته، كان لي مئة من الإبل سودُ الحدَق، دفعتها إليه (?).

ولما احتضر حاتم قال لابنه عدي: يا بني، والله ما خنت جارة لي لريبة، ولا ائتُمنت على أمانة إلا أدَّيتها, ولا بَدَا مني إلى أحد مكروه قط، ولا قصدني قاصد فخيبتُه.

ودفن حاتم على جبل يقال له: عوارض.

فصل

وأجواد الجاهلية ثلاثة (?): حاتم، وهَرِم بن سِنان، وكعب بن مامة.

فأما هَرِم، فكان أبوه سنان سيِّدَ غطفان، وماتت أمه وهي حامل به، وقالت: إذا مت؛ فشقوا بطني، فإن فيها سيد غطفان. فلما ماتت، شقوا بطنها واستخرجوا سنانًا، فولد هَرِمًا. وفي هرم يقول زهير: [من البسيط]

متى تلاقِ على عِلاته هَرِمًا ... تلق الندى منه في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ

وفيه وفي إخوته يقول زهير -وقيل: إنها لغيره-: [من البسيط]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015