وذكر مجاهد عن ابن عباس في تأويلِ قوله تعالى: {وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] قال: هي دمشق (?)، وكذا في قوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7] إنها دمشق.

ورُوي عن ابن عباس موقوفًا عليه ومرفوعًا أنه قال: قد وكل الله بكلِّ بلد مَلَكًا يحرسه، إلَّا دمشق فإنه يتولاها بنفسه. والموقوف أصح (?).

وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الرحمن بن جبيرِ بن نفير عن أبيه، قال: حدثنا أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سَتُفتح عليكم الشَّام، فإذا تَخيَّرتُم المنازلَ فيها، فعليكم بمدينةٍ يُقال لها: دِمشقُ، فإنَّها مَعقِلُ المُسلمين مِنَ الملاحِم، وفُسْطاطُهم بأرضٍ يقال لها: الغوطة" (?)، إلا أنَّ جَدي رحمه الله ضعَّف هذا الحديث وذكره في "الأحاديث الواهية" وقال: قال يحيى بن معين: في إسناده أبو بكر بن أبي مريم ليس بشيء (?).

قلت: وقد أخرج مسلم عن النَّوَّاس بن سمعان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ينزِل عيسى بنُ مريمَ عندَ المَنارةِ البيضاءِ، شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَين، واضعًا كَفَّيه على أجنحَةِ مَلَكَين" (?). وهو حديث طويل. والمَهْرودَة: المصبوغة.

وروى وَهب بن منبِّه قال: كان الخضِر - عليه السلام - يطرقها، فأتاها مرة فوجدها بحيرةً، فغاب عنها خمس مئة سنة، ثم أتاها فإذا هي عامرة، فغاب عنها خمس مئة سنة أخرى وأتاها، فإذا هي مقصبة، ثم عاد إليها فوجدها عامرة، فعل ذلك مرارًا، وهذا يدل على أنها قديمة.

وحكى الحافظُ أبو القاسم في "تاريخه": أنه كان بدمشق رجلٌ صالح، وكان يقصده الخضِر - عليه السلام -، وذلك في زمان معاوية بن أبي سفيان، فبلغ معاوية، فجاء إلى الرجل وقال له: اجمع بيني وبين الخَضِر عندك، قال: نعم، فجاء الخضر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015