ومنها: حُلْوان، قال ابن الجواليقي: حلوان مدينة من مدن العجم. وقال ابن الكلبي: إنما سميت بذلك؛ لأنَّ بعضَ ملوكِ الأعاجم أقطعها حلوان بن الحاف بن قضاعة (?).
وروي عن معاذ بن جبل قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، وفي شامنا ويمننا، وفي حجازنا" فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، وفي عراقنا، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان في اليوم الثاني، قال مثل ذلك، فقام إليه الرجل وقال: يا رسول الله، وفي عراقنا، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام الرجل إليه في اليوم الثالث فقال مثل ذلك، فأمسك عنه، فولَّى وهو يبكي، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أمِنْ أهل العراقِ أنت؟ " قال: نعم، قال: "إن أبي إبراهيم همَّ أنْ يدعوَ عليهم فأوحى الله تعالى إليه: لا تفعل، فإني جعلتُ خزائن علمي فيهم، وأسكنتُ الرحمةَ قلوبهم" (?).
بناها نُمْرود بن كنعان، ومكانها معروف، وقد ذكرها الله تعالى في قوله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ بِبَابِلَ} الآية [البقرة: 102]. وقال الجوهري: بابِلُ اسم موضع بالعراق ينسب إليه السحر والخمر، ولا ينصرف لتأنيثه (?).
وقد أكثرت فيها الشعراء. وحكى لي جماعةٌ من مشايخنا: عن البلخي الواعظ أنه كان يعظُ بالنظامِيَّة، وبدت منه حركات أوجبت إخراجَهُ من بغداد، فجاءَ إليه بعضُ غلمان الديوان، وهو على المنبر فقال له: قد رُسِمَ بأن تخرجَ من البلد، فأنشد (?): [من الطويل]
أبابلُ لا واديكِ بالجودِ مُفْعَمٌ ... لديّ ولا ناديكِ بالرفدِ آهلُ
لئن ضِقتِ عني فالبلادُ فسيحةٌ ... وحَسْبك عارًا أنَّني عنكِ راحلُ