المغيث، فأفسد [السامري] (?) وزير إسماعيل الحال، وقال له: هذا خاتم سليمان، لا تخرجه من يدك، فتعدم المُلْك. فتوقف الأمر، ولم ينتظم صلح، ومنع المغيث من الركوب، وحُبِسَ فِي بُرْج القلعة، وفسدت الأحوال.

وكَتَبَ الصالح أَيُّوب إِلَى الخُوارَزْمية، فعبروا الفرات، وانقسموا قسمين: قسم جاؤوا على بقاع بعلبك، وقسم على غوطة دمشق، ونهبوا وسبوا وقتلوا، وسدَّ إسماعيلُ أبوابَ دمشق، ونزلوا غَزَّة.

قال المصنف رحمه الله: وكنتُ حينئذٍ بديار مصر، فقدمت الإسكندرية فِي هذه السنة، فوجدتها كما قال الله تعالى: {ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] معمورة بالعلماء، مغمورة بالأولياء [الذين هم فِي الدنيا شامة] (1) كالشيخ محمَّد القَبَّارِي والشاطبي وابن أبي شامة، وهي أَوْلى بقول القَيسراني فِي وصف دمشق: [من البسيط]

أرضٌ تَحُلُّ الأماني من أماكنها ... بحيثُ تجتمع الدُّنيا وتفتَرِقُ

إذا شدا الطَّيْرُ فِي أغصانها وقفت ... على حدائقها الأسماعُ والحَدَقُ

[قلتُ: ] (1) وسألوني الجلوس، فجلست بها مجلسين، تاب فيهما نحو من ألفين، فلما عزمت على العَوْد إِلَى القاهرة قام بعضُ أفاضلها، فأنشد: [من الطَّويل]

ذَكَرْتُمْ فراقًا فاستهلَّتْ مدامعي ... وزادَ لهيبُ النَّارِ بين ضلوعي

وأصبحت مَيتًا من سماعِ فراقكُمْ ... أودُّ بأنِّي لم أكن بسميعِ

فيا أهلَ هذا الثَّغْر ترضون غَيبَةً ... لشمسِ علوم آنستْ بطُلوعِ

قفي شَمْسَنا قبل الفراقِ هُنَيَّةً ... فلَسْنا على علمٍ بوقتِ رجوعِ

فقد وقفتْ شمسُ السَّماء ليوشع ... وما ذاك من أفعالها بشنيعِ

فنحن ضيوف والقَراءُ ثلاثةٌ ... وَجُودك يَا مولى الأنامِ شفيعي

فكان البيت الأخير هو الباعث على أن عزَّزْتُ لهم بمجلس ثالث، ولم أقدر أنْ أُسافر عنهم إلَّا ليلًا، لأنهم وجدوا بي ولا كوَجْد المجنون بليلى، يَا هل لليلاتٍ بجَمْع عودةٌ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015