وكان كثيرَ المعروف، وكَتَبَ أملاكه لمماليكه لأنه لم يكن له ولد، وبنى بالعُقَيبة مسجدًا، ودُفِنَ به في رجب، ويعرف اليوم بمسجد الصَّفي.
قدم الدِّيار المِصْرية، وأظهر الناموس، وتزهَّد، وكان يركب الحمار، وآنية بيته كلها خزف، فنفق على السُّلْطان وأهله، وأعطاه السُّلْطان مالًا، فبنى به المدرسة التي إلى جانب الشَّافعي رحمة الله عليه، وكان كثير الفِتَن منذ دخل مِصْر إلى أن مات، ما زالت الفتن قائمةً بينه وبين الحنابلة وابن الصَّابوني وزين الدين بن نُجَيَّة، يكفرونه ويكفرهم، وكان طائشًا متهورًا، نبَشَ ابن الكِيزَاني (?)، وأخرج عظامه من عند الشَّافعي رحمة الله عليه، [وقد ذكرناه] (?)، وكان يصوم ويفطر على خبز الشَّعير، فلما مات وجدوا له ألوف دنانير، وبلغ صلاح الدين، فقال: يا خيبة المسعى. وكان يبعث إليه بالصَّدقات، فيأخذها لنفسه.
ولما توجَّه سيفُ الإسلام إلى اليمن جاء إليه يودِّعه ويستقضي حوائجه، فقال له الخُبُوشاني: لي إليك حاجة. قال: وما هي؟ قال: تضرب رقبةَ كلِّ مَنْ في المدينة ومكة، وتأخذ أموالهم، وتسبي نساءهم، وقد أبحتُ لك ذلك. فقام سيفُ الإسلام من عنده، وهو يسبُّه، ويقول: انظروا إلى هذا الرَّقيع، يُبيح دماءَ جيران الله، ودماءَ أهلِ بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكانت وفاته في صفر، وسكنتِ الفتن، واصطلح النَّاس، وقالوا: هذا فتوح ثاني، وكان سييِّءَ الأخلاق، قبيحَ العِشْرة، وولي بعده تدريس مدرسة الشَّافعي شيخ الشيوخ صدر الدين بن حَمُّويه، [فأحسن التدبير والأمور] (3).