وقلوبُ أهلِ ودَادِكُمْ تَشْتاقُكُمْ ... وإلى كمالِ جمالكُمْ ترتاحُ

وارحْمَتَا للعاشقِينَ تكلَّفوا ... سَتْر المحبَّةِ والهوى فَضَّاحُ

بالسِّرِّ إنْ باحوا تُباح دماؤهم ... وكذا دماءُ البائحينَ تباحُ

وإذا هُمُ كتموا تحدَّثَ عنهم ... عند الوُشاةِ المدمعُ السَّحَاحُ

وبَدَتْ شواهدُ للسَّقام عليهُمُ ... فيها لِمُشْكِلِ أمرهم إيضاحُ

خَفَضَ الجَنَاحَ لكُمْ وليس عليكُمُ ... للصَّبِّ في خَفْضِ الجَنَاح جُناحُ

فإلى لقاكُمْ نَفْسُهُ مُرْتاحةٌ ... وإلى رضاكُمْ طَرْفُهُ طَمَّاحُ

عُودوا بنور الوَصْلِ من غَسَقِ الجفا ... فالهجر ليلٌ والوصالُ صَبَاحُ

صافاهم فصفوا له فقلوبُهُمْ ... في نورها المِشْكاةُ والمِصْباحُ

وتمتَّعوا فالوقتُ طاب بقُرْبكم ... راقَ الشَّرابُ ورقَّتِ الأقداحُ

يا صاحِ ليس على المحبِّ ملامةٌ ... إنْ لاحَ في أُفق الوصالِ صباحُ

لا ذنبَ للعُشَّاقِ إنْ غلب الهوى ... كتمانَهُمْ فنمى الغرامُ وباحوا

سمحوا بأنفسهمْ وما بخلوا بها ... لمَّا دَرَوْا أَنَّ السَّماحَ رباحُ

ودعاهُمُ داعي الحقائقِ دعوةً ... فغدوا بها مستأنسين وراحوا

ركبوا على سنن الوفا فدموعُهُمْ ... بحرٌ وشِدَّةُ شَوْقهم ملَّاحُ

والله ما طلبوا الوقوفَ ببابه ... حتَّى دُعوا وأتاهُمُ المِفْتاحُ

لا يطربونَ بغير ذِكْرِ حبيبهمْ ... أبدًا فكلُّ زمانهم أفراحُ

حَضَروا وقد غابتْ شواهِدُ ذاتهم ... فتهتَكُوا لمَّا رَأَوْه وصاحوا

أفناهُمُ عنهمْ وقد كُشِفَتْ لهم ... حجبُ البقا فتلاشتِ الأرواحُ

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مِثْلَهم ... إنَّ التَّشَبُّهَ بالكرامِ فلاحُ

قُمْ يا نديمُ إلى المُدَام فهاتها ... في كأسها قد دارتِ الأقداحُ

من كَرْمِ إكرامٍ بدنِّ ديانةٍ ... لا خمرة قد داسها الفلاح

قلت (?): وقد وقفتُ على ترجمته في "وَفَيات الأعيان" تصنيف القاضي شمس الدين بن خَلِّكان: كان المذكور من علماء عَصْره، قرأ الحكمة وأُصول الفِقْه على الشيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015