وقال: [من الطويل]
وكنتُ إذا خَصَمْتُ خَصْمًا كبَبْتُه ... على الوَجْه حتى خاصمتني الدَّراهمُ
فلمَا تنازعنا الخصوم تحكَّمَتْ ... عليَّ وقالت قُمْ فإنَّكَ ظالمُ
كان بين يدي [ظهير الدين] (?) ابن العَطَّار، وكان قاسيًا فاتكًا جبارًا لا يعرف الرَّحمة، كم أتلف من الشَّباب بالقَتْل والصَّلْب والقَطْع، وأخذِ أموال النَّاس، وكان ابنُ العَطَّار يقويه على ذلك، فلما كان اليوم الذي ولي فيه الإمام النَّاصر، قَبَضَ عليه، وكان عنده منه المقيم المُقْعد، فَضُرِبَ بالسُّيوف، ومُثِّل به أقبح مُثْلة، وسُلِّم إلى عوام بغداد، فشدُّوا في رِجْله شريطًا، وسحبوه في دروب بغداد وهم يقولون: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 83]. يعنون ابنَ العطار، ثم أحرقوه، وذروا رماده في دِجْلة.
ظهير الدين، أبو بكر بن العَطَّار، صاحب المخزن، نائب الوزَارة، [وقد ذكرنا أنه كان سببًا لقتل الوزير ابن رئيس الرؤساء، و] (3) كان في عزمه أن يولي الخلافة أبا منصور، فانخرقت عليه القواعد، فلما بُويع الإمام النَّاصر لم يحضر، واعتذر بالمرض، وإنما كان به مَرَضُ القلب حيث تيقن الهلاك، فقبض الخليفة عليه في السَّابع من يوم بيعته، ووكل به في حجرةٍ في داره، وقبض على أصحابه، ونُهبت دورهم،