فقامت مقامَ السَّيفِ والسَّيفُ قاطِرٌ ... ونابَتْ منابَ الرُّمح والرُّمُحُ يرعُفُ
فقدتَ لها جَيشًا من الرَّوعِ هائلًا ... إلى كلِّ قلب من عُداتك يَزْحفُ
لِيَهْنِكَ يا مولاي فتحٌ تتابعت ... إليكَ به خُوصُ الرَّكائب توكَفُ
أخذتَ به مِصرًا وقد حال دونها ... من الشِّرك ناسٌ في لحى الكُفْر تقذف
فعادَتْ بحمد الله باسْمِ إمامنا ... تَتِيه على كل البلاد وتَشْرُفُ
ولا غَرْوَ إنْ ذَلَّتْ ليوسفَ مِصرُه ... وكانت إلى عَلْيائِهِ تتشوَّفُ
تملَّكَها مِنْ قَبْضة الكُفْر يوسفٌ ... وخلَّصَها من عُصبة الرِّفْضِ يوسفُ
فشابَهَهُ خَلْقًا وخُلْقًا وعِفَّةً ... وكلٌّ عن الرحمن في الأرض يَخْلُفُ
كشفتَ بها عن آلِ هاشم سُبَّةً ... وعارًا أبي إلَّا بسَيفك يُكْشَفُ (?)
قال المصنف رحمهُ الله: وهذا وهمٌ من ابنِ تركان، فإن تواريخ الشَّاميين والمِصريين مُطْبِقَةٌ على أن مِصر لم تملك في هذه السنة، بل في سنة أربع وستين وخمس مئة، ولم يخطب للمستنجد فيها، وإنما أُقيمت الخُطْبة فيها في أيام المستضيء، وكان المستنجد قد مات، وقد ذكرنا أنَّ شاور قَدِمَ على نور الدين في السَّنة الماضية، وأقام عنده إلى هذه السنة، فجهَّز نورُ الدين العساكر مع أسد الدِّين شيركوه في العشرين من جُمادى الأُولى، وكان صلاحُ الدين مع عَمِّه أسد الدين، فلمَّا وصلوا إلى القاهرة، خَرَجَ إليهم أبو الأشبال الضرغام ابن سوار، فحاربهم أيامًا، فلما كان في بعضها التقوا على بابِ القاهرة، فحمل ضرغام في أوائل النَّاس، فَطُعِنَ فَقُتِلَ، واستقام أمر شاور، وكانت وزارة ضرغام تسعة أشهر.
وكان شاور سفَّاكًا للدِّماء، ولما استولى على القاهرة، ظهرت منه أمارات الغَدْر، فأشار صلاح الدين على أسد الدين بالتأخُّر إلى بِلْبيس. وما كان يقطع أمرًا دونه، ثم بعث أسدُ الدِّين إلى شاور يطلب منه أرزاق الجند، فاعتذر وتعلل عليه، فأقطع أسد الدين الغربية، وكتب إلى نور الدين يخبره بما جرى.
وَدَسَّ شاور إلى الفرنج رسولًا يدعوهم إلى مصر، وبذل لهم الأموال، فاجتمعوا من السَّاحل، وساروا من الدَّاروم متفقين مع شاور على قتال أسد الدين، وحصروه في