عن مشايخ العراق وخراسان والشام وغير ذلك، وكان أحد الفضلاء المشهورين، تتبع الألفاظ المشتبهة في الأسماء الأعلام، وجمع شيئاً كثيراً.
وكان الخطيب البغدادي قد جمع بين كتاب المؤتلف والمختلف الذي للدارقطني، والذي لعبد الغني الموسوم بمشتبه النسبة وزاد عليهما، وجعله كتاباً مستقلاً سماه المؤتلف تكملة المختلف. وجاء ابن ماكولا فزاد على هذا المؤتلف، وضم إليه الأسماء التي وقعت له، وجعله كتابا سماه الإكمال، أجاد فيه وأفاد، حتى صار اعتماد المحدثين عليه، أحسن فيه إحساناً بالغاً، وحلاه حسناً فائقاً، ولم يصنع مثله في بابه، ثم جاء ابن نقطة وذيله، وما أقصر فيه. وفي كتاب الأمير ابن ماكولا دلالة على كثرة اطلاعه وضبطه وإتقانه. ومن الشعر المنسوب إليه قوله:
قرض خيامك عن أرض تهان بها ... وجانب الذل إن الذل يجتنب
وارحل إذا كان في الأوطان منقصة ... فالمندل الرطب في أوطانه الحطب
قال الحميدي خرج إلى خراسان ومعه غلمان له ترك، فقتلوه بجرجان، فأخذوا ماله، وهربوا، وهو من ذرية الأمير أبي دلف العجلي. وفي السنة المذكورة توفي أبو عامر الأزدي القاضي محمود الهروي، الفقيه الشافعي، كان عديم النظير زهداً وصلاحاً وعفة. وفيها توفي المستنصر بالله أبو تميم معد ابن الظاهرعلي بن الحاكم العبيدي صاحب مصر. لما عظم أمره وكبر شأنه خطب له ببغداد أرسلان البساسيري، وقطع خطبة الإمام القائم. وقد جرى في أيامه أشياء لم يجر شيء منها في أيام آبائه، منها قطع الخطبة المذكورة، ومنها ملك ابن الصليحي بلاد اليمن، ودعاؤه له على منابرها، ومنها أن المستنصر المذكور أقام في الأمر ستين سنة، وهذا شيء لم يبلغه أحد من العبيديين، ولا من بني العباس. ومنها أنه ولي وهو ابن سبع سنين، وفي سنة تسع قطع اسمه واسم آبائه من الحرمين. ومنها أنه حدث في أيامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه السلام، وأقام سبع سنين، وأكل الناس بعضهم بعضاً، حتى قيل إنه بلغ رغيف واحد بجمسين ديناراً، وكان في هذه المدة يركب وحده، وكل من معه من الخواص مترجلون، ليس لهم دواب يركبونها، وكانوا إذا مشوا تساقطوا في الطرقات من الجوع، وكان المستنصر يركب بغلة عارية، وآخر الأمر توجهت أمه وبناته إلى بغداد من فرط الجوع في سنة اثنتين وستين وأربع مائة.