في أولها عزم المقتدي بأمر الله على تقليد السلطان بركيا روق بالموحدة والمثناة من تحت بين الكاف والألف فالتقاه، وخطب له ببغداد، ولقب ركن الدولة، ومات الخليفة من الغد فجأة، وحاصر تتش حلب، فافتتحها، ثم سار فأخذ الجزيرة وأذربيجان، وكثرت جيوشه، واستفحل شأنه. وفيها توفي مسند نيسابور أبو بكر بن خلف الشيرازي أحمد بن علي. روى عن الحاكم وعبد الله بن يوسف وطائفة. قال الشيخ عبد الغافر: هو شيخنا الأديب المحدث المتقن الصحيح السماع، ما رأينا شيخاً أورع منه ولا أشد إتقاناً. نيف على التسعين. وفيها توفي قسيم الدولة لما افتتح ملك شاه حلب استنابه عليها، فأحسن السياسة، وضبط الأمور، وتتنع المفسدين حتى صار دخله كل يوم من البلد ألفاً وخمسمائة دينار، وكانت وفاته بالقتل بعد أسره في المصاف.
وفيها توفي أبو نصر الحسن بن أسد الفارقي، الأديب صاحب النظم والنثر والكتاب المعروف في الألغاز. وفيها توفي المقتدي بالله أبو القاسم عبد الله ابن الأمير ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله العباسي. بويع بالخلافة بعد جده في شعبان سنة سبع وستين وأربع مائة، وعمره تسع عشرة سنة وثلاثة اشهر، ومات فجأة في المحرم عن تسع وثلاثين سنة، وقيل: سمته جارية. وكان ديناً خيراً، أمر بنفي الخواطي والمغنيات من بغداد، وكانت الخلافة في أيامه زاهرة، وحرمتها وافرة. وبويع بعده للمستظهر بالله أحمد. وفي السنة المذكورة توفي الحافظ الكبير الأمير أبو نصر علي بن هبة الله العجلي البغدادي المعروف بابن ماكول، النسابة صاحب التصانيف النافعة، لم يكن ببغداد بعد الخطيب أحفظ منه. قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا وأجابني عن الكتاب، وقال حتى اكشفه، وما راجعت ابن ماكولا إلا وأجابني حافظاً كأنه يقرأ من كتاب. وقال أبو سعد السمعاني: وكان لبيباً عارفاً ونحوياً مجوداً وشاعراً مبرزاً. سمع الحديث الكثير، وأخذ