وفيها توفي القادر بالله بن المقتدر بن المعتضد العباسي، وكانت خلافته إحدى اربعين سنة. قال الخطيب: كان من أهل الديانة والتهجد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه. وصنف كتاب في الأصول، في فضل الصحابة، وتكفير المعتزلة، والقائلين بخلق القرآن، وكان يقرأ كل جمعة بحضرة الناس. وفيها توفي القاضي عبد الوهاب الفقيه المالكي، أحد الأعلام. انتهت إليه رئاسة المذهب. قال الخطيب: لم ألق في المالكية أفقه منه. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: سمعت كلامه في النظر، وكان فقيهاً متأدباً شاعراً، له كتب كثيرة في كل فن. ومن ذلك كتاب التلقين في الفقه، وكتاب المعرفة، وشرح الرسالة، وغير ذلك. ومن أشعاره:
سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف
فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني لشطي جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالفه
ومن أشعاره الظريفة المشتملة على المعاني اللطيفة قوله:
ونائمة قبلتها فتنبهت ... فقالت: تعالوا فاطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني فديتك غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي عن أثيم ظلامة ... وإن أنت لم ترضي فألفاً على العد
فقالت: قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني الدين أشهد
ما غير ذلك مما حذفته رغبة في الاختصار وكراهة لبعض الغزل الفاحش في الأشعار. توفي ليلة الاثنين الرابعة عشر من صفر، ودفن في القرافة. وفيها توفي الإمام الواعظ يحيى بن عمار الشيباني السجستاني نزيل هراة.
فيها سارت الغلمان بالسلطان جلال الدولة، وصمموا على عزله، وطرده، فهرب