الفيلة فمات من ذلك ولم يزل مصلوباً إلى أن توفي عضد الدولة فأنزل عن الخشبة، ودفن في موضعه، فقال فيه أبو الحسن ابن الأنباري:
لم يلحقوا بك عاراً إذا صلبت بلى ... بأؤا بمنك ثم استرجعوا ندما
واتفقوا أنهم في فعلهم غلطوا ... وأنهم نصبوا من سؤدد علما
فاسترجعوك وواروا منك طودعلا ... بدفنه دفنوا الأفضال والكرما
لئن بليت لما تبلى بذاك، ولا ... تنسى، وكم هالك ينسى إذا قدما
تقاسم الناس حسن الذكر فيك كما ... ما زال مالك بين الناس منقسما
فيها توفي الشيخ الكبير أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري، شيخ الصوفية، نزيل صور، شيخ الشام في وقته.
وفيها توفي الإمام الكبير أبو سهل الصعلوكي: محمد بن سليمان النيسابوري الفقيه، شيخ الشافعية بخراسان. قال فيه الحاكم: أبو سهل الصعلوكي الشافعي اللغوي المفسر النحوي المتكلم المفتي الصوفي خير زمانه، وبقية أقرانه. " ولد " سنة تسعين ومائتين، واختلف إلى ابن خزيمة، ثم إلى أبي علي الثقفي، وناظر، وبرع، وسمع من أبي العباس السراج وطبقته، ولم يبق موافق ولا مختلف إلا أفر بفضله وتقدمه. وحضره المشايخ مرة بعد أخرى، ودرس، وأفتى في نيسابور وأصفهان وبلاد شتى، وقال الصاحب بن عباد: ما رأى أبو سهل مثل نفسه، ولا رأينا مثله. قلت: لأبي سهل مناقب كثيرة، وفضائل شهيرة، ذكرت شيئاً منها في " الشاش المعلم شاوش كتاب المرهم ".
وفي السنة المذكورة توفي النقاش المحدث الحافظ غير المقرىء.
سنة سبعين وثلاثمائة
فيها رجع عضد الدولة من همدان، فلما قرب من بغداد بعث إلى الخليفة الطائع لله أن يتلقاه، فما وسعه التخفف لضعف الخلفاء حينئذ، وقوة المملوك المتصرفين في البلدان. وما جرت عادة بذلك قط، أي بلقاء الخلفاء لهم، قال قبل دخوله من تكلم أو دعا له قتل.