السيرة حسن الأخلاق، رأساً في النحو، قرأ القراءات على ابن مجاهد، واللغة على ابن دريد، والنحو على ابن السراج. وكان ورعاً يأكل من النسخ، وينسخ الكراس بعشرة دراهم لبراعة خطه. يذكر عنه الاعتزال، ولم يظهر منه، والله أعلم به، وكان كثيراً ما ينشد في مجلسه.
أسكن إلى سكن تسربه ... ذهب الزمان وأنت منفرد
ترجو غداً وغدا كحاملة ... في الحي لا يدرون ما تلد
وكان بينه وبين أبي الفرج صاحب الأغاني ما جرت به العادة من التنافس بين الفضلاء، فعمل فيه أبو الفرج شعراً ذكره ابن خلكان كرهت ذكره: والسيرافي بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وبعد الراء والألف فاء نسبة إلى مدينة سيراف.
وفيها توفي الشيخ الزاهد العائد أبو أحمد محمد بن عيسى النيسابوري، راوي صحيح مسلم عن ابن سفيان. قال الحاكم: هو من كبار عباد الصوفية، يعرف مذهب سفيان وينتحله.
وفيها توفي أبو الحسن محمد بن محمد النيسابوري، الحافظ المقرىء العبد الصالح الصدوق. سمع بمصر والشام والعراق وخراسان، وصنف في العلل والشيوخ والأبواب. قال الحاكم: صحبته نيفاً وعشرين سنة، فما أعلم أن الملك كتب عليه خطيئة.
وفيها وردت الدعوة العباسية على يد بعض أهل الدولة من العراقين، حارب المصريين والتقى هو وجوهر العبيدي، فانكسر جوهر، وذهب إلى مصر، وصادف العزيز صاحب مصر قد جاء في نجدته، فرد معه، فالتقاهم عسكر العراق، فأخذوا مقدمه أسيراً، ثم من عليه العزيز، وأطلقه.
وفيها توفي أبو طاهر محمد بن محمد بن نقية، وزير عز الدولة بن بويه. وكان من جملة الرؤساء، وأكابر الوزراء، وأعيان الكرماء، وكان قد حمل عز الدولة على محاربة ابن عمه عضد الدولة، فالتقيا على الأهواز، وكسر عز الدولة، فنسب ذلك إلى رأيه ومشورته. وفي ذلك يقول أبو غسان الطبيب بالبصرة.
أقام على الأهواز خمسين ليلة ... يدبر أمر الملك حتى تدمرا
فدبر أمراً كان أوله عمى ... وأوسطه بلوى وآخره خسرا
ولما قبض عليه سمل عينيه، فلزم بيته، ثم إنه طلبه بعد ذلك، ورماه بين أرجل