بعد أبي عمرو كأبي تمام والبحتري والمتنبي قال: وكان يشبه ثلاثة من شعراء الإسلام بثلاثة من شعراء الجاهلية: الفرزدق بزهير، وجرير بالأعشى، والأخطل بالنابغة، فامرىء القيس من اليمن والنابغة، وزهير إذا رعب، وامرء القيس إذا ركب، والأعشى إذا طرب، أو قال: غضب.

وسئل الشريف الرضي عن هؤلاء الثلاثة فقال: أما أبو تمام فخطيب منبر، وأما أبو العبادة فواصف جود، وأما المتنبي فقائد عسكر، أو قال: منذر عسكر.

وقال بعض المتأخرين: ليس في العلم أشعر منه، وأما مثله فقليل، وقال أبو عمرو: قلت لجرير: ما تقول في الفرزدق. قال: أهجانا وأمدحنا، قلت: فما تقول في ذي الرمة؟ قال: نقط عروس وأبعار ظباء. قلت: فالأخطل. قال: أثنى للقمر والخمر. قلت: فما تقول فيك. قال أنا مدينة الشعر الذي أقول:

غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟

وقال أبو حاتم السجستاني: قيل لابن هرمة: بسكون الراء من أشعر الناس. قال: من إذا لعب لعب، وإذا جد جد، مثل جرير يقول:

غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟.

ثم جاء فقال:

إن الذي حرم الخلافة تغلباً ... جعل النبوة والخلافة فينا

مضر أبي وأبو الملوك فهل لكم ... يا حرز تغلب من أب كأبينا؟

هذا ابن عمي في دمشق خليفة ... لو شئت ساقكم إلى قطينا

قلت: وقد تقدم في تاريخ موت جرير نحو من هذا، مع زيادة في سنة عشر ومائة، وتقدم هناك تفسير الحرز والقطين.

وذكر بعض أئمة النحو أن أهل البصرة كانوا يقدمون امرؤ القيس، وأن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وإن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهيراً.

وقال النابغة: ما تهاجى شاعران قط في جاهلية ولا إسلام، إلا وغلب أحدهما صاحبه، غير الفرزدق وجرير، فإنهما تهاجيا نحو ثلاثين سنة، ولم يغلب واحد منهما الآخر، وقال الأصمعي: قيل لحسان: من أشعر الناس. قال: أشعرهم رجلاً أو قبيلة. قالوا: بل قبيلة. قال: هذيل، قال الأصمعي: فهم أربعون شاعراً سلفاً، وكفهم يعدو على رجليه ليس فيهم فارس، وقال أبو حاتم: سألت الأصمعي: من أشعرهم. قال النابغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015