وقال بعضهم: دخل اليزيدي يوماً على الخليل بن أحمد، وهو جالس على وسادة، فأوسع له وأجلسه معه، فقال له اليزيدي: أحسبني ضيقت عليك، فقال الخليل: ما ضاق موضع على متحابين، والدنيا لا تسع متباغضين.
وقال اليزيدي: دخلت على المأمون والحنيا غضة وعنده " نعم " تغنيه، وكانت من أجمل أهل دهرها، فأنشدت.
وزعمت أني ظالم فهجرتني ... ورميت في قلبي بسهم نافذ
فنعم هجرتك فاغفري وتجاوزي ... هذا مقام المستجير العائذ
ولقد أخذتم من فؤادي أنسه ... لا مثل ربي كف ذاك الآخذ
فاستعادها المأمون الصوت ثلاث مرات، ثم قال: يا يزيدي، أيكون شيء أحسن مما نحن فيه؟. قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: وما هو؟ قلت: الشكر لمن خولك هذا الإنعام العظيم فقال: أحسنت وصدقت. ووصلني وأمر بمائة ألف درهم يتصدق بها، وحكي: أنه وقع بين اليزيدي والكسائي تنازع في هذا البيت:
لا يكون العير مهراً ... لا يكون المهر مهر
فقال الكسائي: يجب أن يكون مهراً منصوباً على أنه خبر كان، ففي البيت على التقدير أقوال، وقد علم كون حرف الروي فيما قبله مرفوعاً، فقال اليزيدي: الرفع صواب، لأن الكلام قد تم عند قوله: لا يكون الثانية، وهي مؤكدة للأولى ثم استأنف وقال: المهر مهر، وضرب بقلنسوته الأرض، وقال: أنا أبو محمد، فقيل له: اتكتني بحضرة أمير المؤمنين. والله إن خطأ الكسائي مع حسن أدبه، لأحسن من صوابك مع سوء أدبك. فقال: إن حلاوة الظفر أذهب عني حسن التحفظ.
وفيها: توفي الفضل بن سهل وزير المأمون أبو العباس السرخسي أخو الحسن بن سهل وعم بوران التي تزوجها المأمون، قالوا: لما وزر للمأمون، استولى عليه حتى ضايقه في جارية أراد شراءها، وكانت فيه فضائل. وتلقب بذي الرياستين، وكان من أخبر الناس بعلم النجوم وأكبرهم إصابة في أحكامه فيها.
حكى أبو الحسين السلامي في تاريخ ولاة الخراسان أنه لما عزم المأمون على إرسال