وجماعة من أولاده، وأبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وأبو خلاد سليمان بن خلآد وغيرهم.
وخالف أبا عمرو في حروف يسيرة من القرآن، وكان يؤدب أولاد يزيد بن منصور خال المهدي، وإليه كان ينسب كما تقدم، ثم اتصل بهارون الرشيد، فجعل ولده المأمون حجره،. فكان يؤدبه، وكان ثقة، وهو أحد الفصحاء العالمين بلغات العرب، وله التصانيف الحسنة والنظم الجيد.
وأخذ علم العربية وأخبار الناس عن أبي عمرو الخليل بن أحمد كما مر، ومن كان معاصرهما، وكان يجلس في أيام الرشيد مع الكسائي في مجلس واحد، ويقرآن الناس، أن الكسائي يؤدب الأمين، ويأخذ عليه حرف حمزة، وهو يؤدب المأمون، ويأخذ عليه حرف أبي عمر، وقال: وجه إليه يوماً بعض خدمه فأبطأ عليه، فوجه إليه آخر فكذلك، قال: فقلت إن هذا الفتى ربما اشتغل بالبطالة.
فلما خرج مرت بحلة، وقومته، أو كما قال لتدلك عينه من البكاء، إذ قيل: هذا جعفر بن يحيى قد أقبل، فأخذ منه منديلاً فمسح عينيه، وجمع ثيابه عليه، وقام إلى فراشه، مد عليه متربعاً، ثم قبل ليدخل فدخل، وقمت عن المجلس، وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره. قال: فأقبل عليه بوجهه، وحدثه حتى أضحكه، وضحك إليه.
فلما هم بالحركة دعا بدابتة، وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني فجئت، فقال: خذ على ما بقي من حزبي، فقلت: يا أيها الأمير أطال الله بقاءك لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر، فقال: حاشا لله، أتراني يا أبا محمد كنت أطلع الرشيد على هذا. فكيف بجعفر يطلع على أني محتاج إلى الأدب؟ يغفر الله لك، لقد بعد ظنك، خذ في أمرك، فقد خطر ببالك ما لا يكون أبداً، ولو عدت في كل يوم مائة مرة.
وحكى المرزباني وغيره قالوا: سأل المأمون اليزيدي عن شيء فقال: لا، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين، فقال: لله درك، ما وضعت واواً قط موضعاً أحسن من موضعها في لفظها. انتهى.
قلت: وإنما حسن وضع الواو في لفظه المذكور، لأنه لو حذفها منه لاستحق بذلك الأدب من الملوك، بل القتل، لأنه حينئذ يكون نافياً لجعله فداء له، وإثباتها يثبت جعله فداء نفسه الكريمة مقدماً بقاءه على بقاء نفسه عند نزول النوائب، وذلك من أعظم الآداب وأحسن التخاطب.