طاهر بن الحسين إلى محاربة أخيه الأمين، نظر الفضل بن سهل في مسألته، فوجد الدليل في وسط السماء،. وكان ذا عينين، فأخبر المأمون بأن طاهراً يظفر بالأمين. وتلقب بذي اليمينين، فكان الأمر كذلك. فتعجب المأمون من إصابة الفضل، ولفب طاهراً بذلك. وولع المأمون بالنظر في علم النجوم، قال السلامي: ومما أصاب الفصل بن سهل فيه من أحكام النجوم، أنه اختار للطاهر بن الحسين حين سمي للخروج إلى الأمين وقتاً عقد فيه لواء، فسلمه إليه ثم قال له: لقد عقدت لك لواء لا يحل خمساً وستين سنة. وكان بين خروج طاهر بن الحسين إلى وجه علي بن عيسى بن هامان مقدم جيش الأمين وقبض يعقوب بن الليث بنيسابور، خمساً وستين سنة.
ومن إصاباته أيضاً ما حكم به على نفسه. وذلك أن المأمون طالب والدة الفضل بما خلفه، فحملت إليه سكة مختومة مقفلة، ففتح قفلها فإذا صندوق صغير مختوم، فإذا فيه درج، وفي الدرج رقعة حرير مكتوب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما قضى الفضل بن سهل على نفسه، قضى أنه يعيش ثمان وأربعين سنة، ثم يقتل بين ماء ونار، فعاش هذه المدة ثم قتله غالب " خال المأمون " في حمام بسرخس كما سيأتي إن شاء الله تعالى وله غير ذلك إصابات كثيرة.
ويحكى أنه قال يوماً لثمامة بن الأشرس: ما أدري ما أصنع في طلاب الحاجات، فقد كثروا علي وأضجروني. فقال له: زل عن موضعك، وعلي أن لا يلقاك أحد منهم، قال: صدقت. وانتصب لقضاء أشغالهم. وكان قد مرض بخراسان، وأشفى على التلف. فلما أصاب العافية، جلس للناس، فدخلوا عليه، وهشوا بالسلامة، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا من كلامهم، أقبل على الناس وقال: إن في العلل لنعماً، لا ينبغي للعاقل أن يجهلها بمحيص الذنوب والتعرض لثواب الصبر، والإيقاظ من الغفلة، والإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء التوبة، والحض على الصدقة، وقد مدحه جماعة من أعيان الشعراء، وفيه يقول بعضهم، وقيل ابن أيوب التيمي:
لعمرك ما الأشراف في كل بلدة ... وإن عظموا للفضل إلا ضائع
ترى عظماء الناس للفضل خشعاً ... إذا ما بدا والفضل لله خاشع
تواضع لما زاده الله رفعة ... وكل جليل عنده متواضع
وقال فيه مسلم بن وليد الأنصاري من جملة قصيدة: