بقوله فرجة وكنا نقول فرجة من الفرج وغيره وبالضم فرجة الحائط وفي رواية قال يقال فرجة بالفتح بين الأمرين وبالضم بين الجبلين يعني بالفتح والضم في الفاء وقال أبو عمرو: وحججنا سنة فمررنا ذات ليلة بواد، فقال لنا المكري: ان هذا واد كثير الجن فأقلوا الكلام حتى تقطعوه، قال: مررنا بهم في الرمل مخبتين يتبين منهم الرؤوس واللحى، نسمع حسهم ولا نراهم، فسمعنا منهم هاتفاً يقول:
وإن امرءاً دنياه أكبر همه ... لمستمسك منها بحبل غرور
قال فوالله لقد ذهب عنا ما كنا فيه من الغم، وأخبار أبي عمرو كثيرة وفضائله شهيرة، وكانت ولادته سنة سبعين وقيل ثمان وستين وقيل خمس وستين من الهجرة بمكة، وتوفي سنة أربع وقيل ست وقيل تسع وخمسين ومائة بالكوفة، وقال ابن قتيبة مات في طريق الشام ونسب في ذلك إلى الغلط، فقد ذكر بعض الرواة أنه رأى قبر أبي عمرو بالكوفة مكتوباً عليه هذا قبر أبي عمرو بن العلاء، فلما حضرته الوفاة كان يغشى عليه ويفيق، فأفاق من غشيته فإذا ابنه بشر يبكي، فقال: وما يبكيك وقد أتت على أربع وثمانون سنة، ورثاه بعضهم بقوله:
رزينا أبا عمرو ولا حي مثله ... فلله ريب الحادثات بمن فجع
فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوي حلة ما في انسداد لها طمع
فقد جز نفعاً فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع
قيل رثاه بها عبد الله بن المقنع، وقيل يحيى بن زياد الشاعر المشهور خال السفاح، وقيل غير من ذكر.
فيها فتح يزيد بن حاتم إفريقية، واستعادها من الخوارج، وهزمهم وقتل كبارهم، ومهد قواعدها أميراً من جهة المنصور.
وفيها توفي الراوية حماد بن أبي ليلى الديلمي الكوفي، وقال ابن قتيبة: انه مولى لابن زيد الخيل الطائي الصحابي، كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها، هو الذي جمع السبع الطوال، فيها ذكره أبو جعفر بن النحاس، وكانت ملوك بنى أمية تقدمه وتؤثره وتستزيره، فيفيد عليهم وينال منهم، ويسألونه عن أيام العرب وعلومها. وقال له الوليد بن يزيد الأموي يوماً وقد حضر مجلسه: بما استحققت هذا الاسم فقيل