قلت وذكر شيخنا الإمام الرضي الطبري رحمة الله عليه في كتاب شهاب القبس عن أبي عمرو بن العلاء، انه قال: اول العلم الصمت، والثاني حسن الاستماع، والثالث حسن السؤال، والرابع حسن اللفظ، والخامس نشره عند أهله. وذكر عن أبي عبيدة أنه فاخر مصري يميناً بحضرة أبي عمرو، فاستعلاه اليمني، فقال أبو عمرو المصري: قل له لنا النبوة والخلافة والكعبة والسدانة وزمزم والسقاية واللواء والرفادة والشورى والندوة والسبق بالإيمان والهجرة، ولنا فتوح الآفاق وتفرقة الأرزاق، وبنا سميت الأنصار أنصاراً، ومنا أول من تنشق عنه الأرض وصاحب الحوض وأول شافع ومشفع وأول من يدخل الجنة وسيد ولد آدم وكرم الناس أباً وأماً صلى الله عليه وسلم. ومنا الأسباط والأنبياء عليهم السلام، وجبابرة الملوك العظماء، فمن عزمنكم فنحن أعززناه، ومن ذل فنحن أذللناه، قال: فعجب الناس من كلامه حتى أنه لو كان قد أعده أو قرأ، من كتاب ما زاد على ذلك، وقال فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها، وقال: ما تساب اثنان إلا غلب ألامهما، وقال: اذا تمكن الإخاء فتح الثاء، وقال ما ضاق مجلس بين متحابين، وما اتسعت الدنيا بين متباغضين، وقال: احسن المراثي ابتداء قول فضالة بن كندة العبسي:

أيتها النفس اجملي جزعا ... إن الذي تحذرين قد وقعا

بان الذي جمع السماحة ... والنجدة والبر والتقى جمعا

الألمعي الذي يظن بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا

وقال ما قالت العرب بيتاً أبدع من قول النابغة:

والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

وقال الأصمعي: سمع أبو عمرو رجلاً ينشد، وكان مستتراً من الحجاج.

اصبرالنفس عند كل مهم ... إن في الصبر حيلة المحتال

لاتضيقن في الأمور فقد ... تكشف غماؤها بغير احتمال

ربما تجزع النفس في الأمر ... ماله فرجة كحل العقال

سمعها بسحره وكان ... قد خرج يريد الانتقال

فقال له ما الأمر؟ فقال: مات الحجاج. فلم أدر بأيهما أنا أفرح بموت الحجاج أم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015