إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وهو في النحو من الطبقة الرابعة من علي بن ابي طالب رضي الله عنه. قال الأصمعي سألت أبا عمرو عن ألف مسألة فأجابري فيها بألف حجة. وكان أبو عمرو رأساً في حياة الحسن البصري مقدماً في عصره، وكانت كتبه التي كتب عن العرب الفصحاء قد ملأت بيتاً له إلى قريب من السقف كما تقدم. ثم ذكر إحراقه لها. قال: فلما رجع إلى علمه الأول لم يكن عنده إلا ما حفظه يقلبه، وكانت عامة أخباره عن إعراب قد أدركوا الجاهلية.

قال الأصمعي جلست إلى أبي عمرو بن العلاء عشر حجج، فلم أسمعه يحتج ببيت إسلامي قال وفيه يقول الفرزدق:

ما زلت أغلق أبواباً وأفتحها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار

والصحيح أن كنيته اسمه وكان رحمه الله تعالى إذا دخل شهر رمضان لم ينشد بيت شعر حتى ينقضي. وعنه أنه قال ما زدت في شعر العرب قط إلا بيتاً واحداً وهو أنكرتني وما كان الذي أنكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا. وهذا البيت يوجد في جملة أبيات للأعشى مشهورة. قال أبو عبيدة دخل أبو عمرو بن العلاء على سليمان بن علي وهو عم السفاح، فسأله عن شيء، فصدقه، فلم يعجبه ما قال، فوجد أبو عمرو في نفسه فخرج وهو يقول:

أنفت من الذل عند الملوك ... وإن أكرموني وإن قربوا

إذا ما صدقتم خفتهم ... ويرضون مني بأن أكذب

قلت وهذا يعرفك بجواز الإقواء المعروف في علم القافية لوقوعه من هذا الإمام الذي هو للاحتجاج من أقوى دليل أعني رفعه للباء من: اكذب لموافقة القافية المتقدمة، مع دخول أن الناصبة للفعل المضارع، وقد اعتذر عنه بعضهم ذاهباً إلى ألن أن هاهنا وقعت مخففة من الثقيلة، او أنها ملغاة من العمل. وفي قوله هذا نظر، فإن كونها مخففة من الثقيلة يحتاج إلى شروطه: منها أن يكون الفعل بمعنى العلم أو الظن على أحد الوجهين، وشرط بعضهم السين في الفعل كقوله تعالى علم أن سيكون. وحكي عن ابن محمد النوفلي قال: سمعت أبي يقول: قلت لأبي عمرو بن العلاء: اخبرني عما وضعت مما سميته عربية لم يدخل فيه كلام العرب كله، فقال: لا. فقلت: فكيف تصنع؟ فيما خالفتك فيه العرب وهو حجة قال: اعمل على الأكثر واسمي ما خالفني لغات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015