يصلح إلا لك، فعند ذلك سحكنت نفس عبد الملك، وسلم الشعبي من الوقوع في المهالك. وقال الزهري: العلماء أربعة ابن المسيب بالمدينة، والحسن بالبصرة، والشعبي بالكوفة، ومكحول بالشام. وذكر بعض المؤريخين أن الحجاج قال له يوماً: كم عطاك في السنة؟ قال: الفين، فقال: كم عطاؤك؟ قال: الفان. فقال: كيف لحنت أولاً؟ قال: لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب أعربت، وما أمكن أن يلحن الأمير وأعرب أنا، فاستحسن ذلك منه وأجازه، قلت وأراد بقوله لحن الأمير: قول الحجاج.
ولاكم عطاك أولا
بغير واو ولا مد بين الألف والكاف وكان مزحاً. وقد اشتهر عن الشعبي أنه قال: ما أروي شيئاً أو قل ما أحفظ أقل من الشعر، ولوشئت أن أنشده شهراً ولا أعيد بيتاً لفعلت. وقال أبو بكر الهذلي للشعبي: اتحب الشعر؟ قال: نعم. فقال: اما إنه يحبه فحول الرجال ويكرهه مؤنثهم. وقال الشعبي ما أودعت قلبي شيئاً فخانني، وقال الشعبي: انما الفقيه من ورع عن محارم الله تعالى، والعالم من خاف الله عز وجل، وقال: اتقوا الفاجر من العلماء والجاهل من المتعبدين. قال: ولقد أدركت خمس مائة أو أكثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم عمر وعلي رضي الله عنهم. وحكي أنه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: انشدني أحكم ما قالته العرب وأوجزه، فقال قول امرىء القيس:
صبت عليه وما تنصب عن أمم ... إن الشفاء على الأشقين مكتوب
وقول زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يقره ومن لا يتقي الشتم يشتم
وقول النابغة:
ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب