وقول عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن مقتد
وقوله طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وقول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوائزه ... لا يذهب الخير بين الله والناس
مع أبيات أخرى من أشعار العرب، رغبت في حذفها أختصاراً. وقال الشعبي: وقد قيل له: ما تقول في النابغة؟ فقال: خرج عمر بن الخطاب وببابه وفد غطفان، فقال يا معشرغطفان أي شعرائكم الذي يقول:
حلفت قلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب
لأن كنت قد بلغت عني رسالة ... لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب
قالوا: النابغة يا أمير المؤمنين. قال: فأيكم الذي يقول:
وإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
مع أبيات أخرى سأل عن قائلها، فقالوا: النابغة يا أمير المؤمنين، فقال: هذا أشعر شعرائكم. انتهى مختصراً. وقال أبو العيناء: دخل الشعبي على الحجاج فقال: يا شعبي أدب وافر وعقل فاخر. قال: صدقت أيها الأمير، العقل عزيزة والأدب تكلف، ولولا أنتم معشر الملوك ما تأدبنا، قال: فالمنة لنا في ذلك دونكم، قال: صدقت أيها الأمير. قال: وكنا مع المغيرة بظهرالكوفة، فقيل له هذا دير هند، فقال: لو دخلناه فدخلنا فإذا هي جالسة عليها ثياب صوف سود لم أر قط أجمل منها، فقال لها المغيرة: هل لك فيما أحل الله تعالى؟ فقالت: كأنك أردت أن يقال تزوج المغيرة هند ابنة النعمان، ان ذلك غير كائن إليك فاخرج. قال: وخرجنا مع زياد بعد ذلك إلى ظاهر الكوفة، فمر بدير هند، فقيل له هذا دير هند، فقال: ادخلوا بنا فدخلنا فإذا هند وأختها جالستان عليهما ثياب صوف سود. قال الشعي فما أنسى جمالها فقال زياد: يا هند حدثيني عن ملككم، وما كنتم فيه، فقالت: اجمل أم أفسر؟ قال: اجملي قالت: اصبحنا وكل من رأيت لنا عبيد، وأمسينا وعدونا يرحمنا.
قلت لقد أبدعت في بلاغة هذا الإيجاز، وضمنت بمختصره المعاني الكثيرات الغزار،