بقولي في قصيدة:
وعنت لنحل الجعد جعد ذوائب ... وبيض معال كم بها من مسود
وفدته في الهيجا لدي أخذ ثأره ... ويرمي به تمزيق قرن ممجد
ورقت أبا عيسى الفتى الليث قربه ... لدى ضربه رجلي فتى منه مقعد
فيا عجباً من رقها وعتاقها ... لضدين حقاً لاتفاق التودد
رمى ذاك هذا في أسهم مزقت وذا ... لرجليه رام بالحسام المهند
ولا قود في ذا ولا أرش واجب ... ولا إثم لاحق بدنيا ولا غد
ومع ذاك كل منهما كان قاصداً ... إلى قرنه لا عن خطابل تعمد
ولا صائب لو قيل لا بد واحد ... مع العمد في هذاك والعلم معتد
فما قط في حكم الولاية قاطع ... سلاح ذوي العدوان بل سيف مهند
على مثل سيف من طريق استقامة ... إلى الله بالله استقام فتى هدي
فهل من جواب أيها السادة الملا ... أفيدوا هالا فاسألوا للنفود
والجواب في ذلك، والله أعلم أنه يحتمل وجهين.
أحدهما أن يكون المولى تبارك وتعالى أذن لكل واحد منهما أن يؤدب الآخر بإشارة مفهومة عند ذوي الأحوال والمقامات العوالي ابتلاء منه بعد كما لو أمر بعض المخلوقين كل واحد من عبدين له أن يؤدب الآخر، كما جرى لبني إسرائيل في قتل بعضهم بعضاً حين أمروا بذلك.
والثاني أن يكون كل واحد منهما مفوضاً في الحكم، مصرفاً في المملكة كما ذلك واقع لكثير منهم مشهور عنهم يولي كل منهما، ويعزل ويقطع ويصل غادي اجتهاد كل واحد منهما أن صاحبه مخطئ يستحق التأديب، وأنه فيما فعله فيه مصيب هذا ما ظهر لي من الجواب، والله أعلم بالصواب، وإلى ذلك أشرت في بعض القصائد بقولي:
رماه وضراب ببيض حد يدها ... من الصدق والإخلاص في القول والفعل
كمثل الفتى ابن الجعد بالثأر أخذ ... يرمي فتى منهم له ضارب الرجل
فذا مقعد بالسيف في طول دهره ... وذاك جميع الدهر يشكو من النبل
وإليهما أيضاً أشرت في قصيدتي الأخرى، وهي باهية المحيا المتقدم ذكرها.
وكرم بضرغامين قدما تضارباً ... بسيفين كل منهما غيرنا كل
حميد الثنا ابن الجعد أعني وماجداً ... يكنى أبا عيسى وليس بخامل